أسامة الفريح التميمي
نعم هو سؤال أطرحه على نفسي كوالد ومربٍّ ومواطن مسؤول، هل يستفيد أبناؤنا الخريجون من المخرجات التعليمية ونواتج التعليم العالي للدخول في سوق العمل؟. وما مدى توافق مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل المتجددة باستمرار، والتي تبحث عن الكفاءات والخبرات ومدى امتلاك المتقدم للعمل المهارات اللازمة والمطلوبة بغض النظر عن التقدير العالي ونوع الشهادة وغيرها من المحفزات والامتيازات المطروحة؟. قد تكون صدمة هائلة يتلقاها الشباب حين يبحثون عن مجال عمل فيجدون أن ما تلقوه من تعليم ومن خبرات في وادٍ والخبرات والمهارات المطلوبة للعمل على أرض الواقع في وادٍ آخر. مع العلم أن كثيراً من الدراسات الاقتصادية والتنموية تربط بين زيادة معدلات البطالة وبين عدم ملاءمة مخرجات التعليم العالي لاحتياجات سوق العمل. وتتفاقم قضية عدم ملاءمة مخرجات التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل اليوم في ظل عدم قدرة مؤسسات التعليم على استيعاب خريجيها وضمان وظائفهم كما كان في السابق، وذلك بسبب التغيرات والتحولات في المجالات الاقتصادية والتنموية وحاجات سوق العمل المتجددة والمتطورة باستمرار. فهل يا ترى سبب ذلك يعود لانخفاض الكفاءة الداخلية النوعية لدى مؤسسات التعليم العالي والتي من مؤشراتها تدني مستوى التأهيل المتخصص وتدني القدرات التحليلية والابتكارية لدى الطلاب، أم يعود السبب لانخفاض الكفاءة الخارجية الكمية والنوعية لدى هذه المؤسسات بحيث إنها تخرج أعداداً كبيرة من الطلاب بتخصصات لا يحتاجها سوق العمل علماً بوجود عجز ونقص في تخصصات أخرى تلبي احتياجات سوق العمل.
ومن هذا المنطلق تعد قضية عدم مواءمة مخرجات التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل من أهم قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتي من نواتجها زيادة معدلات البطالة بين الشباب من الخريجين والجامعيين. ولعلي بهذا الصدد أوصي بضرورة وضع حوافز تشجع الطلاب على اختيار تخصصات تتفق مع احتياجات سوق العمل بغض النظر عن اختيار تخصصات ذات سمعة أو يرى البعض أنها ذات قبول اجتماعي أكثر من غيرها. وربما من المهم إشراك القطاع الخاص وخاصة أصحاب المؤسسات الكبيرة التي يمكنها استقطاب أعداد كبيرة من الخريجين في وضع وتصميم المناهج والمقررات واختيار المناسب منها لمتطلبات سوق العمل. ومن الضروري رفع مستوى الوعي المجتمعي بالتعليم المهني أيضاً باعتباره تعليماً يوائم متطلبات سوق العمل ويتفق مع تجدد متطلباتها بشكل مستمر خاصة في ظل التطور التقني والرقمي، وضرورة الالتزام بمبادئ التعليم المستدام.