أحمد المغلوث
في البداية لا بد أن نعترف بأن القراءة باتت تعاني من هجرة الملايين لها بعدما كانت في الماضي الأكثر إقبالاً من قبل عشاقها خاصة في المجتمعات المتحضرة، بل كانت الكتب والإقبال عليها هي الهواية الأولى لدى الملايين من شعوب العالم، فهي قبل وبعد تحمل لعشاقها المتعة والفائدة إضافة إلى تزويدها لمن يقرأ كتاباً أو مجلة أو صحيفة بمعلومات جديدة ربما لم يكن على دراية أو معرفة بها، وأذكر أن مجلة «المختار» العالمية والتي كانت وما زالت حتى اليوم تطبع بمختلف اللغات الحيَّة ناقلة لقرائها في مختلف الدول مختارات من أفضل ما يكتب في مجلات وصحف دول العالم.كانت تعتبر ولعدة عقود الأكثر انتشاراً على مستوى العالم، بل كانت مختلف الشركات العالمية تتسابق للإعلان فيها. وفي مكتبتي بعض من أعداد المجلة بنسختها العربية. والكتب والمجلات والصحف لا شك أنها كانت وعبر الزمن رافداً ثقافياً ومعلوماتياً لا غنى عنه وما زالت تساهم في إثراء عشاقها حتى اليوم على الرغم من تحولهم إلى مطالعتهم عبر التقنيات الحديثة.. فالكتب باتت تنشر في مواقع مختلفة وكذلك الصحف والمجلات. وإذا كان الواحد منا يستمد متعته من خلال بعض الهوايات المحببة لنفسه وحتى لأفراد أسرته كمشاهدة التلفزيون أو الاستماع لبراج الإذاعة أو التسوق أو السفر، فهناك من يجد المتعة الحقيقية في قراءة الكتب. والقصص والروايات وكتب التاريخ خاصة التي تضم العديد من حكايات الماضي وتاريخ الأجداد. وما زلت حتى اليوم وأقولها بتواضع أحرص على مطالعة الكتب والروايات ولدي كنوز من الكتب المختلفة التي تنقلني عندما أتصفحها إلى عصور مختلفة وحياة مدهشة عاشتها شعوب العالم. وما زلت أذكر كيف كانت سعادتي عظيمة عندما اشتريت مجموعة مجلدات «العقد الفريد» لابن عبد ربه، الفقيه أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي. والذي كان والحق يُقال -رحمه الله - عالماً موسوعياً استطاع بجهده ومثابرته أن يقدم للعالم العربي والإسلامي، بل العالم ككل، خلاصة الأخبار والنوادر والحكايا التي تثير فيك المتعة وتزوّدك بالمعلومة وكيف كانت حياة «الأجداد» فكانت كتبه مصادر التاريخ الأدبي العربي والإسلامي الذي باتت مصادر ثقة للباحثين وعشاق التاريخ. كذلك كانت فرحتى كبيرة عندما أقتنيت مجلدات «تاريخ ابن خلدون» والذي كان والحق يُقال موسوعة في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدأ الخليقة حتى كتابته لكتبه.. تذكرت ذلك وأنا أشاهد مكتبأحد المعارف والتي جعلها خلفية كبيرة في بيته العامر. ولكن ومع كل الاحترام له لا أجده قد استفاد من هذه الكنوز التي ساهمت في جمال بيته. لكنه لم يستفد منها فلا وقت له. وظاهرة اقتناء الكتب لتكون زينة ظاهرة منتشرة ومنذ القدم في مختلف دول العالم.. وأذكر أنني قرأت أن رجلاً حاول أن يشتري كتاباً من مزاد في «قرطبة» لكنه لم يستطع اقتناء هذا الكتاب الذي جاء من مدينة بعيدة بعدما سمع عنه. وإذا بأحدهم يشتريه بمبلغ كبير فدهش من هذا الرجل الذي لم يتردد أن يدفع مبلغاً كبيراً فراح يسأله: أيها الفقيه مبروك حصولك على هذا الكتاب الثمين، فرد عليه الرجل: لست بفقيه ولا أعرف اسم الكتاب ولا أدري ما فيه ولكني أقمت خزانة كتب لأتجمل بها بين أعيان البلد فلما رأيته حسن الخط جيد التجليد استحسنته ولم أبال بما أزيد في ثمنه، والحمد لله على ما أنعم من الرزق فهو كثير.. وهكذا كانت الكتب لدى البعض للزينة والفشخرة. وحتى الديكور ولن أزيد..