فضل بن سعد البوعينين
في منتصف العام 2021م، أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي يربط القارات الثلاث، والارتقاء بخدمات ووسائل النقل كافة، وتعزيز التكامل في منظومة الخدمات اللوجستية وأنماط النقل الحديثة لدعم مسيرة التنمية الشاملة. ومنذ ذلك التاريخ والجهود تبذل لاستكمال الدراسات والتصاميم ووضع البرامج والتصور النهائي للمشروع التنموي الضخم، الذي يتعامل مع قطاعات مختلفة، ويتطلب إنفاق ميزانيات ضخمة لتحقيق أهدافه.
ويوم الأحد الماضي، أطلق سمو ولي العهد المخطط العام للمراكز اللوجستية في المملكة، وفق مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، والذي يهدف إلى تطوير البنية التحتية للقطاع اللوجستي وتنويع الاقتصاد المحلي، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة ومركز لوجستي عالمي.
ضم المخطط العام للمراكز اللوجستية 59 مركزاً بإجمالي مساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع، تتضمن 12 مركزاً لوجستياً لمنطقة الرياض، و12 مركزاً لوجستياً لمنطقة مكة المكرمة، و17 مركزاً لوجستياً للمنطقة الشرقية، و18 مركزاً لوجستياً في بقية مناطق المملكة. عدد كبير من المراكز اللوجستية المزمع تنفيذها، وتنوع جغرافي مهم في توزيعها على مناطق المملكة وفق الحاجة والمقومات التنافسية المتاحة، ما يعزز التنمية المتوازنة بين المناطق والمحافظات، وخلق قطاع اقتصادي حيوي يسهم في تعزيز اقتصاديات المناطق وتوليد مزيد من الفرص الوظيفية والاستثمارية.
تضمن إعلان إطلاق المخطط العام، الإشارة إلى بدء العمل في 21 مركزاً والتأكيد على أن تكتمل جميع المراكز بحلول عام 2030، ما يؤكد استمرارية الجهود والعمل على تفعيل المبادرات منذ إطلاقها، واقترانها بجهود تنفيذية جادة لوضع البرامج والخطط، والبدء في إنجازها تباعًا لكسب الوقت، وتحقيق الأهداف الإستراتيجية.
دعم منظومة النقل والخدمات اللوجستية بالمراكز اللوجستية الجديدة، سينعكس إيجابًا على تطوير البنى التحتية وتحفيز المستثمرين، وربط المملكة بالأسواق العالمية وخطوط النقل الدولية، إضافة إلى انعكاساتها على الصناعات المحلية وتعزيز الصادرات.
قطاع الخدمات اللوجستية من القطاعات الواعدة في المملكة، ومن مستهدفات برامج رؤية المملكة 2030، التي ركزت على رفع مساهمة قطاع الخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي، ورفع كفاءة الموانئ والمطارات وشبكات النقل. ومن أهم الملفات الاقتصادية التي ركز عليها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، باعتبارها من الفرص الاقتصادية المهمة غير المستغلة، بالرغم من مقومات النجاح المتوفرة للمملكة وفي مقدمها الموقع الإستراتيجي والملاءة المالية وحجم الاقتصاد والحركة التجارية.
أصبحت صناعة الخدمات اللوجستية مسيطرة على الاقتصادات العالمية، فمن خلالها تمر التدفقات التجارية، وتُضمن استدامة سلاسل الإمداد، بل باتت على علاقة وثيقة بالتجارة الإلكترونية، وكلما ارتبطت صناعتها بالمواقع الإستراتيجية المتميزة، كموقع المملكة بين القارات الثلاث، زاد ذلك من تنافسيتها الدولية ومساهمتها في الاقتصاد. لذا يشهد قطاع الخدمات اللوجستية في المملكة تطورًا مهمًا ونوعيًا مؤطرًا بمبادرات وبرامج ستسهم في تحقيق نقلة نوعية في القطاع، ومساهمة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.
دعم النمو الاقتصادي وتطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتوسيع فرص توليد الوظائف، وترسيخ مكانة المملكة من الأهداف الرئيسة التي أشار لها سمو ولي العهد، بالإضافة إلى أهداف إستراتيجية أخرى تتقاطع مع البرامج الاقتصادية الهادفة لتحقيق التنوع والريادة العالمية، ومنها رفع حجم الصادرات السعودية، وأتمتة الموانئ، وإصدار تشريعات وأنظمة معززة للحركة التجارية، وسرعة الإنجاز، وتوثيق الشراكة مع الإدارات الحكومية المعنية للعمل كفريق متجانس.
تنمية صناعة الخدمات اللوجستية، وتعزيز إستراتيجية الصادرات، والتنوع الاقتصادي، وتعزيز فرص الاستثمار، والشراكة مع القطاع الخاص من مستهدفات المراكز اللوجستية في المملكة، والتي ستتحول، مع مرور الوقت، إلى قاعدة الصناعة اللوجستية السعودية الرائدة عالميًا، وأحد أهم مرتكزات التنوع الاقتصادي، بإذن الله.