خطت السعودية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سياسة جديدة جعلت من العالم العربي بعد المملكة العربية السعودية رقماً في الحسابات السياسية الدولية.
لم تعد المملكة صندوق عطاءات مفتوحاً. صارت دولة بكل ما للكلمة من معنى. كانت محل اعتبار لكنها صارت محل حساب على مستوى العالم وانقساماته الجديدة التي خرجت عن المفهوم التقليدي الشرق والغرب.
ما ينبغي التنبه إليه قبل سواه هو أنه لم تمض 24 ساعة على إعلان تأجيل المملكة افتتاح سفارتها في إيران حتى ظهر الضغط الصيني في بيان الخارجية الإيرانية في سحب حقل الدرّة من التراشق الإعلامي ووضعه في إطاره القانوني مع المملكة ودولة الكويت والسير في المسار الدبلوماسي الطبيعي.
الـ3000 جندي أميركي الذين أرسلهم الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الخليج بقرار منفرد منه وبمرسوم رئاسي عبروا قناة السويس مع حاملات طائرات إلى وجهتهم الأخيرة للخليج العربي بهدف ضرب كل سياسة الإدارة الأميركية الحالية القائمة على الانسحاب من الشرق الأوسط.
الاستخبارات البريطانية MI5 أوصت البرلمان بتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية بعد اكتشافها محاولات منه على أرض المملكة المتحدة بعمليات تصفية وخطف. ما يعني أن إيران لم تلتزم بشيء من الاتفاق معها على أمن المملكة ووقف الحرب في اليمن وضبط أذرعتها في الدول العربية. بل ذهبت إلى تصعيد غير مسبوق حتى على الاتفاق.
كل ما تستطيعه الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا قامتا به الآن ما يجري غربياً هو عدم تحويل نتنياهو إلى زيلينسكي آخر في الشرق الأوسط بعد أوروبا ونذر حرب إعادة «الهيبة والردع» المفقودتان أميركياً تضرب الشرق الأوسط خاصة بعد استعراض القوة الإيرانية في مناوراتها العسكرية في الجزر العربية الإماراتية «المحتلة» طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى.
القرصنة الإيرانية
القرصنة الإيرانية على سفن الطاقة وقرار الأميركيين بعد فشل آخر عملية قرصنة إيرانية وإطلاق الرصاص في حادثة هي الأولى على ناقلة نفط دفع بالولايات المتحدة إلى قرارات أمنية وعسكرية خاصة وجديدة وأولى بشائرها هي تزويد ناقلات النفط باعتلائها من بحارة ومارينز لحمايتها.
صحيح أن العين على الخليج لكن طبول الحرب التي تقرع الحرب لن تكون إلا في الشرق السوري، ما يفسر التعزيزات الأميركية في الخليج. هذا أوضح صورة بعد شروع أميركا في إغلاق الخط البري الممتد من طهران لبغداد مروراً بدمشق فبيروت لحماية قاعدتها الاسترتيجية في التنف التي تقع على مثلث الأردن العراق و سوريا.
هذا على وجه الدقة ما دفع قوات النظام السوري والقوات الروسية وميليشيات إيران كلها لتتواجد غرب نهر الفرات فيما قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي بقيادة أميركا تتواجد شرقي النهر.
أميركا نحو التصعيد
المرشح من هذا المشهد أن تشهد دير الزور وما حولها اشتباكاً مباشراً إيرانياً - روسياً من جهة، وأميركياً من جهة ثانية، ما يفسّر أيضاً بيانات السفارات الخليجية في لبنان والتكتّل العسكري المتزايد الأميركي لحماية خط إمداد وتوريد النفط عبر مضيق هرمز والبحر الأحمر معاً. صار ذلك بالتوازي مع تزايد الإمدادات العسكرية للجنود وحاملات الطائرات لمواجهة الطرادات البحرية الإيرانية في مضيق هرمز، وكذلك تأمين ال f22 raptor في الأردن وf 35 . في الإمارات حماية البحر الأحمر.
في كل هذا المشهد تعيد السعودية لمفهوم الدولة اعتبارها السياسي، فما عادت صرّافاً آلياً لشراء الاستقرار والأمن بل أخذت مكانتها بين الأمم وانتقلت إلى الجانب المضيء من العالم. أعادت الاقتصاد العالمي إلى سويته العادلة بعيداً عما تريده الصناعة العالمية للتحكم في العالم. وما تعتزمه المملكة في صدد مشروع نيوم سينقل المنطقة برمتها وبسرعة ضوئية إلى صفوف الدول الحديثة. ومن يعش يرى.