د.شريف بن محمد الأتربي
مع انطلاقة الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 1445هـ، نجد أن كثيراً من المعلمين ومشرفيهم التربويين يسارعون إلى تجهيز وإعداد دفاتر التحضير لتكون شاهداً على ما يقدمه المعلم داخل الفصل، ويشرف عليه المشرف التربوي خارج الفصل، وبحيث يكون دفتر التحضير مساعداً للمعلم على تحقيق أهداف الدرس المنبثقة من أهداف الوحدة الدراسية المنبثقة من أهداف المقرر وأهداف التعليم بشكل عام، ويوجد في خانات التحضير ما يشير إلى التكليفات أو الأنشطة التي يقوم بها الطالب خارج الفصل، وهي غالباً ما تكون إما واجبات أو حفظ أبيات، أو تحضير لما هو آت.
وقد جرى تعريف النشاطات خارج الفصول بأنها: الأنشطة التعليمية، والترفيهية التي تتم خارج بيئة الصف الرسمية، وتهدف إلى تعزيز تعلم الطلاب وتنمية مهاراتهم، واكتساب خبرات جديدة خارج الإطار التقليدي للتعليم في الفصل الدراسي، ويمكن تنظيم هذه النشاطات في المدارس أو المجتمعات المحلية أو في أماكن أخرى خارج البيئة المدرسية.
وحتى نكون منصفين، هناك العديد من المعلمين الذين يطبقون النظريات الحديثة في الاستفادة من الأنشطة والتكليفات خارج القاعات الدراسية، سواء تلك التي تشمل الرحلات الخارجية للمتاحف والحدائق والمصانع والمستشفيات، أو تلك التي تستدعي ممارسة عمل معين مثل التمثيل أو الأعمال اليدوية وغيرها، وهناك أيضاً الخدمة المجتمعية مثل التطوع الصحي، أو العمل لحساب جمعيات خيرية. كل هذه النشطة وغيرها هي من الأنشطة المساعدة على بناء شخصية الطالب وخرطه داخل المجتمع بحيث لا يحدث معه صدمة الانتقال من السلام النفسي الاجتماعي إلى العراك الفكري الاجتماعي أيضاً، وتأطر لما يجب أن يكون عليه الفرد في المجتمع لتحقيق أهدافه.
تعد الأنشطة القائمة على تنمية المهارات الحياتية لدى الطلبة واحدة من أهم الأنشطة التي يقوم بها هؤلاء الطلاب وينعكس أثرها لحظياً عليهم، وعلى البيئة المحيطة بهم بمجرد ممارسة هذه الأنشطة، فالعمل كفريق في تجربة معينة أو من خلال الممارسات الرياضية يساعد على تنمية مهارات التواصل والتعاون بين بعضهن البعض، وكذلك بينهم وبين المجتمع الذي يعيشون فيه، كما تؤثر مثل هذه الفعاليات المتعددة على تنمية شخصية هؤلاء الطلبة في مجال القيادة والمبادرة، والتنظيم وإدارة الوقت، ناهيك عن تنمية مهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتحليل والتقويم، وأيضا الثقة بالنفس والقدرة على التحمّل.
يساهم التعليم خارج الفصول الدراسية في تحويل التعلم من مجرد نقل المعرفة إلى تجربة مغامرة تعليمية متكاملة تعزز نمو الطلاب في جوانبهم الأكاديمية والشخصية، كما يوفر التعليم خارج الفصول الدراسية للطلاب فرصًا لتجربة العالم الحقيقي ومواجهة التحدي والتطور الشخصي، فيتعلمون مهارات قيمة تفيدهم في حياتهم اليومية وفي مستقبلهم الشخصي والمهني.
وحتى يتحقق الهدف من الأنشطة والتكليفات خارج الفصل الدراسي يحتاج المعلم إلى أن يبنيها بشكل احترافي بحيث تحقق أهدافها وتؤتي ثمارها، ولا تكون ذات أثر سلبي أو عكسي على الطلبة أو العملية التعليمية، ومن القواعد المهمة التي يمكن أن يتبعها المعلمون في إعداد هذه الأنشطة، هو تحديد الأولويات، وتحديد الوقت، ومن المهم وضع معايير ومؤشرات أداء لكل نشاط أو تكليف يقوم به الطلبة حتى يمكن قياس أثره وملاحظة انعكاساته على الطالب أولاً، وعلى الجماعة ثانياً.
وفي الختام، تعد مشاركة الطلبة في الأنشطة الخارجية وسيلة لتطوير مهاراتهم وقدراتهم الشخصية مثل الثقة بالنفس أثناء التحدث أمام الآخرين، أو تولي المسؤولية، أو التعاون في فرق العمل، فإن ذلك يعزز الثقة بالنفس ويساعد الطلاب على التعامل مع التحديات بثقة وإيجابية.
إن الأنشطة خارج الفصول تساعد على إنشاء بيئة تعليمية تدعم النمو النفسي للطلاب وتعزز صحتهم النفسية من خلال توفير فرص للتعاون والتواصل الاجتماعي، وتحفيز الثقة بالنفس والتحمل العاطفي، وتعزيز المهارات الاجتماعية والإبداع، يمكن للأنشطة الخارجية أن تساهم في تحسين الرفاهية النفسية للطلاب وتعزيز تجربتهم التعليمية بشكل أفضل.
**
- مستشار تعليم إلكتروني وتدريب