الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح أمس الخميس الأديب السعودي محمد علي علوان -يرحمه الله- الوكيل لشؤون الإعلام الداخلي في وزارة الإعلام -الأسبق- الذي عمل فيها منذ 1974م /1394هـ ،استطاع في عمله أن يوازي بين الرقابة الرسمية وحسّه الإبداعي ويزاوج بينهما في توليفة إبداعية ، وهو أحد أساطين كتابة القصة القصيرة في المملكة، وقد أثرى المشهد الثقافي السعودي بعدد من الأعمال الإبداعية. وأشرف على الصفحات الثقافية في مجلة اليمامة، وكذلك ملحق جريدة الرياض الثقافي وأديب له مجموعات قصصية خصّصت دورية «الراوي» الصادرة عن نادي جدة الأدبي ملفاً ودراسات نقدية عن مجموعاته القصصيّة.
وقد خصّصت دورية ( الراوي) الصادرة عن نادي جدة الأدبي الثقافي في عددها (10) شوال1423هـ/ديسمبر 2002م ملفاً ثقافياً عن (راوي عددها )محمد علي علوان الذي تحدث عن تجربته الكتابية وقال: ( إن ما قدّمته للساحة الأدبية في المملكة لا يمثل إلا تجربة ضمن تجارب لمجموعة من الكُتّاب يمثلون هذا البلد أروع تمثيل وأصدقه وربما لديهم من عمق التجربة والمعاناة بحسب بيئة كل واحد منهم ) وجاء في ذلك العدد شهادات من مجايليه على تجربته القصصية ومما قال به يحيى حقي :» ورأيت هذا الصوت الذي يحدثنا عبر السطور يؤمن أن الإنسان لن يقدر النور حق قدره ويعشقه إلا إذا دفعته يد ليسقط في أعمق الآبار المظلمة، إلا إذا قيدته بالسلاسل التي تدمي معصيه ليدرك بعد حلها معنى الحرية ليس التبشير مقصوراً على إعلاء شأن الفضائل بل على ذم الرذائل وإبرازها في أشنع صورة إن نعيم الجنة يتراءى لنا في أتم بهائه إذا قرأنا وصف الجحيم وهول عذابه، ولا عجب فإن هذا الصوت يأتي من بلاد تؤمن بأن آخر الدوا - هوا الكي»
وفي مقالة نقدية للناشر والأديب عبد الله الماجد ونُشرت في صحيفة الجزيرة أشاد بموهبته القصصية وقال:»منذ مجموعته القصصية الثالثة (دامسة 1998) وحتى مجموعته الأخيرة (هاتف)، أصبح «محمد علوان» أكثر جرأة فنياً، وأصبح مالكاً شرعياً لأدواته الفنية ولغته, وهذا لا ينفي أنه قد فاجأنا في مجموعته الأولى: (الخبز والصمت 1977) بحماسته فنياً، وبجرأته في تناول موضوعاته. وإذا كان موضوع «الجوع والفقر» هو الأبرز – وهو موضوع إنساني عام – في مجموعة (الخبز والصمت) فإن «الموت» بوطأة هاجسه الإنساني، هو المتسيد في هذه المجموعة الأخيرة (هاتف) وهو لا يعالج موضوع «الموت» من منظور ميتافيزيقي صرف، وإنما كمعني إنساني، يترصد حياة الأهل والأصدقاء، والبسطاء من الناس على غير موعد, وينتزعهم من أحضان الحياة على حين غرّة»
صدرت له العديد من المؤلفات والمجموعات القصصية من بينها مجموعة قصص قصيرة بعنوان(الخبز والصمت) صدرت عن دار المريخ عام 1977 (1397هـ)،و(الحكاية تبدأ هكذا)و (دامسة)و (هاتف)، ورواية (طائر العِشا)صدرت عام 1441هـ/2020م.
ومن النماذج الإبداعية للفقيد، قصة: خبزة شعير ، التي يقول فيها:
«ذلك الجبل، الذي يعلو قريتهم، وأشجار العرعر التي تنبت في تربته، تضم جسد ابنتها الصغيرة
منذ عشر سنوات، كانت مغرب كل يوم تتجه إليه، تذرف دمعاً، مالحاً.. وصامتاً.
عُرفتْ في القرية بالباكية، تعود إلى بيتها الصغير، تحلب بقرتها، تخض اللبن، تفصل الزبد، تعبئ قدوراً صغيرة ، توزعها على فقراء القرية. في الصباح ، تذهب إلى الوديان ، تهيم معظم النهار، تعود عند الظهيرة ، تصنع قرصاً من شعير، تأكل نصفه، تبقي نصفه الآخر للعصافير، واليمام والغربان الحذرة، تبوح لهم : زوروا ابنتي في أعلى الجبل، خبروها عن دمعتي وانتظاري
هكذا كل يوم
ذات يوم سمعت أصوات الدركترات تسوي قمة الجبل، تغتال الأشجار .
بعد شهر لم تبك، ولم توزع خبزاً، نبت في قمة الجبل برج للتليفزيون، يبث أغاني الكون، عدا صوت ابنتها.
في أسفل الجبل ، تقف أمام البوابة ، تسأل كل داخل وخارج : ألم تر ابنتي».
وسيصلى على الأديب محمد بن علي علوان بجامع الراجحي بعد صلاة اليوم الجمعة الموافق 1 سبتمبر وسيكون العزاء بمنزله في مدينة الرياض - حي الروابي نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وللتواصل مع أبنائه: غسان 0546650000 حسان 0566441116