بدرية المعجل
المحتوى في مفهومه البسيط هو «شيء يمكن التعبير عنه من خلال بعض الوسائط، مثل الكلام أو الكتابة أو أي من الفنون المختلفة» للتعبير عن الذات والتوزيع والتسويق أو النشر وهو يعكس ما يقدمه الشخص وما يفكر به ويتضح من خلاله اهتماماته وطريقته في التفكير والتعبير عن ما يود نشره أو التسويق له، ولقد أتاحت منصات التواصل الاجتماعي والتي تعتبر (سلاح ذو حدين فيها النافع وفيها الضار) الحرية للجميع لإبراز المحتوى الخاص بكل شخص عبر منصات مختلفة تتنافس في تقديم الخدمة المجانية بلا قيود أو حدود، وأصبحنا أسرى لهذا العالم الرقمي المتدفق بمئات الآلاف من المعلومات والأشخاص بأسماء صريحة أو مستعارة تقدم محتواها الذي يتفاوت في مستوى الجودة والتميز فقد يكون عالي الجودة وقد يكون سيئاً أو جريء لا يتناسب مع عادات مجتمعنا وقيمه، وأصبح الكل يعرض محتواه وما يريد أن يوصله للناس بطرق مختلفة، فشاهدنا العلماء والمثقفين والأدباء من كتاب وشعراء ورسامين وغيرها من مجالات الأدب ينشرون خلاصة علمهم وأدبهم وسط رقي في الطرح والأسلوب وفي المقابل شاهدنا العكس، استمتعنا بأهل العلم والثقافة والأدب وتألمنا من الفئة الأخرى التي اتخذت من المنصات مجالاً للمهاترات والنزاعات وتشويه السمعة، شاهدنا من يدس السم في العسل بعرض أفكاره التي تخالف المبادئ والقيم التي يقوم عليها مجتمعنا، ويستخدم أسلوب الهمز واللمز بالتعرض للثوابت والدين، وأيضاً رأينا من يستخدم حسابه لطرح أفكاره وآرائه المتطرفة، أصبح الباب مفتوح والحرية متاحة لعدم وجود الرقيب الإعلامي كما كان الأمر سابقاً، كثرت المعرّفات الوهمية، التي قد يستخدمها البعض في مراقبة الآخرين وانغمس البعض في تتبع الآخرين من باب الاستشراف والوصاية وتحليل كل ما يطرح من باب الشخصنة، وأصبحنا وسط عالم رقمي بعيد عن الواقع، هجرنا الحياة الواقعية بجمالها وصدقها وأثرها الذي لا ينسي، وخلت المجالس من سواليف الأنس والذكريات وأصبح الكل متعلقاً بهذا الجهاز الصغير الذي يفتح له العالم بمصراعيه، قلّت الحركة وزادت معدلات السمنة وزادت معدلات الأمراض المزمنة صغاراً وكباراً، زاد العتاب بين الناس وزادت «التشره»، لم يعد للمنازل أسرار، فلنقم بواجبنا تجاه ما نعرض من محتوى وواجبنا نحو ما نتلقاه يومياً من هذه المنصات.