سهوب بغدادي
فيما تزخر محتويات الدورات التطويرية بالذات والمشاعر والأحاسيس المختلفة، نرى أن أغلبية العناوين التي فيها غير جلية، ونسمع عن مصطلحات مسكوكة وكأنها أمر محقق ومتعارف عليه، «يقو لك حس بمشاعرك»، في بعض الأحيان يقف الشخص عاجزًا أمام هذا السؤال، فببساطة هو لا يحس ولا يشعر أو لا يعرف أن هناك مفهومًا لتحديد الشعور الأولي وهو الطاغي في لحظته، والشعور اللاواعي أو ما وراء الشعور، أي الدافع الدفين والمسبب لذلك الإحساس الظاهر، فالبعض يصاب بالذعر عندما يشعر بأحاسيس لم يعتد عليها، والبعض الآخر حاصل على مرتبة الشرف في تجاهل المشاعر أو ببساطة تجاهلها، فأصبح عديم الإحساس قويًا، وقد يتصنع الشخص عدم الاكتراث لنيل لقب القوي «عديم الإحساس»، فليست بطولة، إنما الأفضل والأقوى أن يدير الشخص فن إدارة المشاعر، ولا تأتي هذه المرحلة إلا بوعي عالٍ ومعرفة وثيقة بأهم شخص في حياتك ألا وهو «أنت»، فمعرفة الذات والوعي بها رحلة وعرة وشاقة قد تطول، ويعرف الشخص أنه وصل إليها وعرف نفسه على نفسه عندما يسكن لنفسه في الخلوات دون مصارعة ذلك الصوت الصادر من دماغك، إذ يؤنبك تارة ويلقي عليك اللوم تارة أخرى، لذا نرى عددًا من الأشخاص لا يستطيعون البقاء بمفردهم، ويهربون من أنفسهم إلى البشر، كذلك نجد أن الرحلة المتقدمة من معرفة الذات تكمن في اللحظة التي يشعر فيها الشخص بعدم الارتياح ويواجهها من خلال تحديد شعوره وأصول ذاك الشعور، كما ذكرت سابقًا في تفصيل الشعور ومراحله الظاهرية والباطنية، فعلى الأغلب أن الشعور الظاهري عرض لشعور أكبر أو أصيل في حياة الإنسان، على سبيل المثال لا الحصر، شخص شكاك -شعور ظاهري- فيمن حوله، ولا يثق فيهم إلا ما ندر، عانى من خذلان أو غدر فيما مضى -شعور أصيل-، من السابق ذكره، يتضح لنا أن أولى مراحل الراحة النفسية وإدارة المشاعر هي التمكن من الوصول إلى ألفة النفس، فيستأنس الشخص بنفسه، وبأبسط المتاح، عندها سيتدرج ليصل إلى رتبة مدير متمكن، من المذهل أننا نقضي حياتنا في التعرف على الغير ونحن لا نعرف أنفسنا، والأكثر تحييرًا أن نقدم أنفسنا على أننا شخص مختلف بقصد أو بغير قصد.
«الكلمات مهمة، وأهمها تلك التي تقولها لنفسك» (ديفيد تيلور كلوز).