د. إبراهيم بن جلال فضلون
قطعت السعودية أميالاً على طريق التنويع، لاسيما عاصمة الاستثمار، عبر تدعيم خطواتها بكثير من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية، وعدد من الحوافز الطموحة الواعدة باقتصاد متنوع وتحول اقتصادي غير نفطي كفيل بتغيير وجه المملكة من الريعية إلى رحاب التنويع ومحركاً للنمو، فصارت الأسرع نمواً من بين اقتصادات كُبرى دول مجموعة الـ20، وقادها في أحلك ظروفها، برؤية مستقبلية طموحة نافست كُبرى المُدن العالمية، جنباً إلى جنب مع مكانة عالمية رائدة تحظى بها في سوق الطاقة العالمية بشقيه التقليدي والمُتجدد.
تُزاحم بلاد الحرمين بهمة «طويق» روما وبوسان وأوديسا على استضافة معرض «إكسبو 2030»، خاصة بعد شهادات ثقة دولية لاقتصادها غير النفطي، حيثُ جاءت موازناتها باحتياطات مالية كبيرة، ومخزون نفطي ضخم ونظام مُدار بحكمة..
هكذا وصفت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الاقتصاد السعودي، بنقاط قوة عُظمى، تتمتع بها، بمعدل متوسط يبلغ نحو 3.9 % خلال الأعوام من 2022 إلى 2026، وكان صندوق النقد الدولي بحسب تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» لشهر إبريل الماضي، قد رفع توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي عام 2023 إلى 3.1 %، معتبراً «الصندوق» النشاط الاقتصادي غير النفطي محركاً قوياً أيضاً لحالة الازدهار الاقتصادي وانحسار ركود سوق العمل، التي ستقود إلى احتواء التضخم الكلي في 2023 إلى حدود 2.8 %.. وعندما نرى النمو الاستثنائي في 2022 كان بنسبة 8.7 %، وهو الأعلى منذ 11 عامًا بين دول مجموعة الـ20، بل ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بالربع الأول من عام 2023 بنسبة 3.9 %، مقارنة بنفس الفترة من عام 2022.
وبالتالي كانت للوكالات العالمية رأيها في النظرة الإيجابية برفع توقعاتها بفضل الرؤية الحالمة قيادة وحكومةً وشعباً، وإدارة ذكية للموارد، وصولاً لأهدافها المُستقبلية في 2030.. وحتى نشاط قطاع الأعمال الخاص غير النفطي زاد إلى أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات في فبراير الماضي، لكثرة الطلب وتوقعات اقتصادية متفائلة، مؤثراً على تحسن الظروف الاقتصادية للشركات، في صعود متنامي بدليل تراجع البطالة إلى أدنى مستوياتها العام الماضي (4.8 % في مقابل تسعة % خلال الجائحة)، ويتوقع أن يحتفظ النمو غير النفطي بقوته وزخمه، بجانب الفوائض المالية الضخمة التي يمكن أن تمثل مصدات ضد أي مخاطر محتملة إلى 5 % العام الحالي، بينما سيتراجع نمو القطاع النفطي بموجب اتفاق «أوبك +» خفض الإنتاج في إبريل الماضي. وذلك وفق ما جاء به تقرير مشاورات المادة (4) لعام 2023، لصندوق النقد الدولي يونيو الماضي،
لقد صح القول بأن «السعودية أكثر من مجرد قصة نفطية»، بأبنائها الذين يسعون إلى جذب 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر بحلول 2030، مع استهداف نمو القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي ليصبح 65 % بحلول نهاية العقد الحالي، وسيضيف «إكسبو 2030» للسعودية مزيداً من الزخم في قطاعات كثيرة قياساً إلى العوائد الضخمة التي حققتها المدن التي سبق لها استضافة الحدث العالمي، ومنها روما «إكسبو 2015» حققت (10.9 مليار دولار).
نأمل داعين المولى -عز وجل- أن يصُب هذا النجاح الاقتصادي المستمر في تحسين جودة الحياة وتوليد الوظائف، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية وفقًا لرؤية 2030.