إيمان حمود الشمري
لا شك أن الذكاء الاصطناعي بدأ يتسبب بالقلق لأصحاب الوظائف، وأن هناك مهنًا معينة سيلغيها وسيتسبب في تسريح الكثير من الموظفين، ولو افترضنا أن هذا الكلام صحيح من جانب، ولكنه غير دقيق!! إذ لا يمكن أن نفترض بأن الذكاء الاصطناعي سيلغي العنصر البشري، لأنه في الحقيقة هو عملية تكاملية بين الإنسان والتكنولوجيا، وأن الذي يضع الخوارزميات ويضبط إعدادات الذكاء الاصطناعي هو الإنسان (المبرمج)، فأي مخرجات من الذكاء الاصطناعي لابد أن يطلع عليها الإنسان وبالتالي ستكون خاضعة لمراجعته، ولو حدث واختفت وظائف ومهن معينة من باب اختصار الوقت والجهد، ولكن بالمقابل ستخلق فرصًا وظيفية أخرى للاستثمار بالإنسان والعقلي البشري المبتكر، فالذكاء الاصطناعي لم يأتِ بدور المحتل، وإنما بدور المحاكاة وتحسين جودة الحياة.
الذكاء الاصطناعي الذي ساهم بتسهيل حياة البشرية واختصر المعاناة بكبسة زر، وساعد بزيادة الإنتاجية والدقة بالمصانع، وألقى بأعباء كبيرة على الآلة بدلاً من الإنسان، ليترك له مجالاً أوسع للتفكير والابتكار بعيداً عن العمل الروتيني الممل، ويجنبه الأعمال الشاقة والخطرة، ويفسح المجال للعقل البشري بأن ينشغل بأمور أهم، ولا ننكر أن الذكاء الاصطناعي دخل في العديد من المجالات كالصناعات العسكرية وصنع الطائرات المسيرة ذاتياً دون طيار، فضلاً دخوله عالم الاقتصاد والتداول والأسهم، والطب، والكثير من المجالات التي لا يسعنا حصرها، هذا المقال ليس عبارة عن حبة مهدئ لأرباب العمل والوظائف، وإنما عدسة مكبرة لأهمية الذكاء الاصطناعي وإساهماته.
ونظراً لأهمية الذكاء الاصطناعي كونه واجهة التغيير في العالم المعاصر تم إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) تماشياً مع رؤية 2030 لتحسين إجراءات العمل وتطوير أداء الخدمات، ورفع العبء عن المواطن وتسهيل حياته اليومية، فضلاً عن إسهاماته التي تم ذكرها آنفاً. فاتهام الذكاء الاصطناعي بأنه تقدم ضار، هو اتهام باطل، لأنه نوع من مواكبة العصر المخلصة بعملها للإنسان لأنه هو من صنعها، فكما قال (ريد هوفمان) مؤسس موقع لينكد إن الشهير: إن تمكنت من تدريب خوارزمية من خوارزميات الذكاء الاصطناعي على أن تصبح بوذية، فمن المحتمل جداً أن تصبح بوذية صالحة!! وإن كان البشر ذاتيي التعلم يمكن التلاعب بوعيهم وأدلجتهم، فالآلة هنا لن تكون استثناء!
فهل صنع الإنسان عدواً له، أم أن الإنسان عدو نفسه؟.