عثمان بن حمد أباالخيل
ما العمرُ ما طالتْ به الدهورُ
العمرُ ما تمَّ به السرورُ
(أبو فراس الحمداني)
دنيا غريبة، والبشر فيها مختلفون في أمزجتهم ومنهم من نجدهم يوماً كالعسل، ونجدهم يوماً آخر بطعم العلقم، لستُ أدري لماذا بعض الناس تهوى الزعل؟ ربما اختلاف في التركيبة النفسية. لماذا يزعل الإنسان؟ للأسف كثير من الذين يملكون نضجاً عقلياً لا يملكون نضجاً انفعالياً، فيتعاملون مع المواقف التي تغضبهم بطريقة لا تليق بعقولهم الناضجة، هناك عبارات في مجتمعنا نرددها عن الزعل منها: «تراه زعلان، تراه يزعله، كثير الزعل، زعلول، سريع الزعل» ترى هل الزعل يعكر المزاج؟ لا شك بذلك فهو يعكر المزاج إذا كان المُزعِل أو المُزعِلة لها مكانة خاصة، كما أنه يرفع الضغط، ويرفع نسبة السكر في الدم، ويزيد دقات القلب. هناك من يعشق الزعل، ويعتبره ملح الحياة، ويهدف من ذلك معرفته مقداره. إنّ التعامل مع الإنسان الزعول فن لا يعرفه إلا أصحاب القلوب الطيبة، التي يهمها الطرف الآخر، فهي واثقة، وواثق من موقفه وعلاقته، لكن هذا طبعه، ومن يستحق إرضاءه نُقبل عليه، ما الذي يطفئ نار ولهيب الزعل؟ إنه الاعتذار، الاعتذار أقصر وأنجع طريق لإطفاء الزعل والعودة إلى الحياة الطبيعية، وهناك من لا يستحق الاعتذار مع أنّ الاعتذار بلسم، فمن يكون في نَظركَ ونظرِكِ؟ يقول -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) رواه البخاري، ويقول أيضاً: (لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)، رواه البخاري.
الناس من حولك لا يعاملونك معاملة الأم حين تزعل (تطبطب) على ظهرك وتراعي مشاعرك، فمشكلة الزعل مشكلتك وليست مشكلة الآخرين، إذا كنت «زعولاً أو زعولة» ابدأ في التغيير منذ الآن فالناس بالكاد في هذا الزمن تتحمل نفسها وتقلبات حياتها وتغيير مزاجها. للأسف الكثير من الناس الزعلولين يحللون الأمور على (مزاجه) دون أن يعرض الفكرة على منطق أو عقل أو وقائع أو حقائق فهو يميل لسوء الظن وإلى إصدار الأحكام القطعية السيئة على الآخرين. إن الزعل بين الناس في بعض الأحيان يكون تصرفاً طبيعياً جداً؛ لأننا بشر ولسنا ملائكة نرضى ونغضب ونفرح ونحزن، فالموضوع يتعلق بشق آخر أكبر وأعمق من التصرف التلقائي الخاص بالزعل الذي لا يحسن الكثير التصرف السليم. الزعل بدون سبب أو بسبب كلاهما عاده تصيب الإنسان الزعلول إنه إنسان حساس، فيجب أن نفكر قبل أن نزعل هذا الإنسان الحساس الذي تربطنا به علاقات إنسانية على اختلافها. الزعل الدائم نزعة نفسية علينا أن نحرص ونعرف كيف نتعامل مع الانسان الزعلول، والزعل بين الناس في مثابة العتاب من يعاتبك فهو يحبك.
همسة: العتاب من القيم الإنسانية النبيلة والزعل جزء من تركيبة الإنسان النفسية.