مسفر آل فطيح
نفس الإنسان هي أَلَدّ الأعداء له بتصوير الأشياء السطحية التي تؤذي القلب وتنهك الجسد وتدمر الطاقة الإيجابية بالتفكير مراراً وتكراراً وتجعل الإنسان سجيناً لكل السلبيات والأحقاد والضغائن وتحليل صغائر الأمور بصورة يطغى عليها وهم الذكاء الحاد والشك وسوء النوايا، وقد توهمنا النفس بأننا أذكياء فوق العادة، ويخوض العقل صراعاً مع النفس، فإذا انتصر العقل في ذلك الصراع اليومي فلا شك إن الإنسان سيرتقي بتفكيره إلى مراتب الحياة الجميلة التي هي بالأصل تأتي من العقل ولكن النفس قد تكون أحد الأعداء للعقل في كل مكان وزمان..
لذلك تبقى النفس عدواً حقيقياً للإنسان ولا بد من كبح جماح ذلك العدو الذي يعيش في جسد الإنسان، وعلينا أن نقاوم ما نحب ونتحمل ما تكره، كل ما تحبه النفس هو أمر غير محمود وكل ما تكرهه لا شك أنه يتوافق مع العقل وهذا هو الصراع الحقيقي لتلك المعركة المستمرة في جسد الإنسان بين عقله ونفسه..
المحيط الاجتماعي للإنسان لاشك أنه يرسم تفكيره وسياسته وتعامله مع الأحداث في الحياة، الذي يجالس الإيجابيين سيكون إيجابياً مع مرور الزمن، الضغوطات الاجتماعية والسلبيات التي تنشأ للإنسان إذا لم يتعامل معها ويتجاهلها ويستبدلها بالإيجابية والتفاؤل وتغيير نمط التفكير لا شك أنها ستكون بذرة للألم والأذى النفسي وتتطور تلك المشاكل تدريجياً مع مرور الزمن وهو قد لا يشعر بذلك، لذلك لا بد للإنسان أن لا يغفل عن صحته النفسية والعقلية التي يخوضها في معارك هامشية وخاسرة ومؤذية تجعله مشتت التفكير والتركيز، عندما يبحر الإنسان ويتخصص ويهتم في أي حدث سواءاً كان إيجابياً أو سلبياً سيرى الآفاق تتسع لذلك الطريق الذي سلكه وعليه الاختيار أن يتراجع إذا كان سلبياً، وعليه أن يواصل الطريق إذا كان يسلك طريق التفاؤل والأمل والإنجاز، ولاشك أن الأمل هو كالشعاع المنسل من غياهب الهموم والأحزان والإحباط والاكتئاب وهو بذلك خيطٌ رفيعٌ قد نتمسك به ليصل بنا إلى الحياة الجديدة التي يملؤها السعادة والتفاؤل والتغيير للأفضل فعلينا أن لاننسى بأن الأمل هو الطريق الذي يجعل الإنسان يصل إلى تحقيق الأهداف وتجاوز الصعاب خلال وجوده في الحياة..
الجمود الفكري هو سم قاتل للمجتمعات والفرد على وجه الخصوص، يجعل الإنسان لا يتقدم ولا يتأخر وقد يصاب بوهم المعرفة وهو لا يعلم، والوهم هو سراب خادع وبريق لامع يصور للإنسان المعرفة والإدراك بكل شيء مما يجعله حبيساً وسجيناً للتصورات الافتراضية التي هي بالأصل من عالم الخيال الذي لا وجود له على الإطلاق..
ولاشك أن الفراغ هو أحد الأعراض الرئيسية للاكتئاب، لذلك لا بد للإنسان أن يبحث عن ذاته وتفكيره الإبداعي والمواهب التي قد يمتلكها ويستغلها بالشكل الصحيح بمصاحبة أصحاب العقول النيرة والنافعة فلاشك إنهم وقودٌ حقيقيٌّ للإبداع والسعادة التي قد تشغل النفس عن تحقيق سلبياتها في مسيرة الإنسان، نفس الإنسان تبحث عن الفراغ وبذلك تسيطر على الإنسان وتجعله يعيش في صراع وبحث عميق عن كل موضوع سطحي وتافه وقد يحلل ويدقق في حياة الآخرين ويفسر النوايا ويربط الأحداث ويغوص في بحر الشك وبذلك يكون تحت سيطرة نفسه التي هي بالأساس أصل الدمار على المدى القريب والبعيد..
أعظم اتصار قد يشعر به الإنسان هو الانتصار على نفسه، وأغلب القرارات المتسرعة تأتي من نزوات النفس فيأتي الندم بعد ذلك وهو أحد العقول المتأخرة بعد فوات الأوان، من التوصيات التي ينصح بها المدربون والمستشارون في الإدارة هي التريث في اتخاذ القرارات لأن ردة الفعل قد تكون قاسية وتأتي من تأثير النفس فقط..
يجب أن نسيطر على أنفسنا عندما نواجه بعض الصعوبات أو الأحداث المفاجئة ولابد أن يكون القرار للعقل وليس للنفس..
يقول أحد الحكماء عن النفس:
مُكابَدَتُكَ لِنَفسِكَ حربٌ لا نهايةَ لها..