خالد بن حمد المالك
في شأن العلاقات السعودية - الإيرانية أثق أن الجانبين سيلتزمان بما تم التوافق عليه، وأنهما حريصان على أن تسود علاقاتهما الرغبة الصادقة في بناء أوثق العلاقات، بروح من المسؤولية، والشعور بأنه لا خيار آخر أفضل من أن يراعيا أهمية إطلاق فرص من التعاون بدلاً من الخلافات التي لا تخدم أياً منهما، ولا تصب في مصلحة أي طرف.
**
وإذا كان هناك من يشكك بأن علاقات طبيعية سوف لن تكون هي السائدة بين الجانبين، برغم القواسم الكثيرة المشتركة التي تجمعهما، حيث الدين، والجوار، والمصالح المشتركة، فهؤلاء هم قوى لا مصلحة لهم في هذا التقارب، وتنظيمات إرهابية تتخوف من أن تكون إعادة العلاقات بين الرياض وطهران كما لو أنها دق المسمار الأخير في نعش هذه التنظيمات، وبالتالي انتهاء دورها التخريبي والإرهابي والفساد في الأرض.
**
من الأولويات - في نظري - أهمية التعامل بجدية مع هذه التنظيمات، وإفهامها بأن المستجدات في العلاقات السعودية الإيرانية لا تستقيم مع سياسات هؤلاء، وأنه آن الأوان لتدرك أنه لم يعد لها بعد إعادة العلاقات بين البلدين أي دور تحريضي، أو توظيف لها كي تكون في موقع آلة التخريب لأي إصلاحات في العلاقات الثنائية بين دولتين جارتين، وأن ما كان وما مضى أصبح صفحات سوداء وقد طويت، ولم يعد لها أي دور من الآن.
**
فعلى سبيل المثال، فإن دعم حزب الله بالسلاح والمال في لبنان، ومثله دعم الحوثيين في اليمن، وإطلاق حسن نصر الله وعبدالملك الحوثي ألسنتهما في السب والشتم وسوء القول من الآن، لا يمكن فهمه إلا أنه سلوك مشين الغرض منه إطفاء وهج هذا الحماس الشعبي والرسمي في البلدين، ترحيباً بإعادة العلاقات، وهو ما يعني إلغاء دور هذه المليشيات، ويفقدها مصالحها المادية، ودورها كعميل إرهابي بامتياز.
**
وكلما تم تجنب أي منزلق لحماية العلاقات الثنائية من الفتور، أسرع ذلك في سقوط هؤلاء العملاء، وأنهى دورهم كأبواق لتنفيذ أجندة أجنبية على حساب مصالح دولهم وشعوب منطقتهم، وهذا ما يجب التذكير به، والتركيز عليه، واعتباره أساسياً في نقطة التحول في العلاقات السعودية الإيرانية الجديدة.
**
يهمنا أن يكون التعاون بين البلدين من الآن، تصحيحاً لما كانت عليه العلاقات فيما مضى، وأن يشمل ذلك كل الجوانب من الاستثمار، إلى التجارة، ومن الثقافة، إلى الرياضة، وإلى التعليم والسياحة، وما إلى ذلك من المجالات الأخرى، وصولاً إلى التكامل والشراكات، واستفادة كل طرف من الطرف الآخر بما يضيف المزيد من مصادر القوة للدولتين، وثم تحقيق المكاسب المتوقعة من عودة العلاقات الدبلوماسية، وفتح السفارات، ومباشرة السفراء مع طواقم العمل لأعمالهم.
**
باختصار، نريد ترجمة إعادة العلاقات بين الدولتين إلى فعل وعمل، وإلى إنجازات تعلن، وبرامج تتحقق، وإلى سياسات تعزز وتقوي هذا التوجه الجديد في علاقات الدولتين، نريد أن يستفيد الجميع من عودة العلاقات، بما في ذلك دول المنطقة، وخاصة الخليجية منها، فما يجمع بينهما أكثر بكثير مما يفرق بينهما، خاصة إذا وضع حد للمخربين والإرهابيين، ومن يشكلون بؤر فساد، ومنصات تخريب، وميلشيات من العملاء والمرتزقة.