فضل بن سعد البوعينين
منذ رئاسة المملكة لقمة مجموعة العشرين عام 2020 وهي منهمكة في المواءمة بين قراراتها، الأكثر ارتباطا برؤيتها الإستراتيجية، وبين مدخلات القمم اللاحقة، وبما يسهم في تفعيل مبادراتها، وما تم الاتفاق عليه. والمتأمل لملفات قمة نيودلهي يجد فيها امتدادا لما تم التباحث والاتفاق عليه في قمة الرياض، إضافة إلى بعض الملفات الأخرى.
التنمية المستدامة، ضمان الأمن الغذائي من خلال تحفيز الزراعة الذكية في مواجهة المناخ، تحفيز الطاقة المتجددة في عدد من الأنشطة الاقتصادية، وحماية البيئة من أهم الملفات التي تم مناقشتها في قمة نيودلهي، ما جعلها أكثر ارتباطا برؤية السعودية 2030 التي تمحورت برامجها حول تحقيق التنمية المستدامة، وجودة الحياة، وحماية الكوكب بمشروعات بيئية متقدمة، إضافة إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة، وبرامج التنمية البشرية والاستقرار المالي والاقتصادي.
استثمار موقع المملكة الإستراتيجي بين قارات العالم، وتعزيز الربط اللوجستي، تعزيزا للتجارة البينية، والتوسع في الاستثمار في البنى التحتية من الأهداف التي يسعى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحقيقها، بالشراكة مع الأطراف ذات العلاقة وهو ما ذكره في كلمته التي أشار فيها لمذكرة التفاهم لمشروع اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وهو مشروع تنموي ضخم سيسهم في تطوير البنى التحتية التي تشمل سككاً حديدية، والربط بين موانيء الشرق الأوسط وأوروبا والهند.
مشروع إستراتيجي مهم، سيجعل المملكة مركزا يربط بين الهند وأوروبا، ومحورا لدول الشرق الأوسط وممرا اقتصاديا عالميا يسهم في تدفق التجارة، وتصدير الكهرباء، والهيدروجين النظيف، وتعزيز سلاسل الإمداد، وضمان إمدادات الطاقة، وتعزيز الشراكات الدولية، وتدفق الاستثمارات، والاستثمار في البنى التحتية وسلاسل الإمداد المحلية والطاقة النظيفية. إنشاء سكك حديدية سيعجل من وصول السلع والبضائع إلى وجهاتها في فترة زمنية تقل بنسبة 40 في المائة عما هي عليه اليوم. أهمية المشروع الإستراتيجي، وانعكاساته المستقبلية على الاقتصاد العالمي، حمل الرئيس الأمريكي جو بايدن لتقديم شكره الخاص لسمو ولي العهد، الذي أحدث تحولا حقيقيا في برامج التنمية المستدامة، وفرض على متخذي مواقف سلبية ضد المملكة، لتغيير قناعاتهم ومواقفهم، والتحول السريع إلى جانب الدعم ومحاولة إصلاح العلاقات على أسس من المصالح المشتركة، وتقديم الشكر العلني لسمو ولي العهد والاحتفاء به أمام الجميع. تحولا فرضته المتغيرات السياسية والاقتصادية، والنتائج المهمة على أرض الواقع التي قادها سمو ولي العهد في الداخل والخارج. أصبحت المملكة شريكا رئيسا في صنع القرار السياسي والاقتصادي في المنطقة والعالم، وتمكنت خلال فترة زمنية قصيرة من استثمار مقوماتها وتعزيز مكانتها ونفوذها العالمي، الذي يتم تسخيره لخدمة الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.
وعلى هامش القمة، اتفقت المملكة والولايات المتحدة على تأسيس ممرات خضراء عابرة للقارات، من خلال موقع المملكة الذي يربط قارتي آسيا بأوروبا، ويهدف المشروع إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر خطوط نقل متنوعة بين الكابلات والأنابيب. خلق ممرات خضراء عابرة للقارات سيسهم في تعزيز الشراكة مع الغرب، وتدفق الاستثمارات النوعية، وتوفير بيئة آمنة حاضنة للمشروعات العملاقة، وفي مقدمها مشروعات الطاقة، وسيعطي المملكة قدرة أكبر على تنفيذ برامجها التنموية، وأهدافها الاقتصادية الإستراتيجية. سيعزز المشروع أمن المنطقة، وأمن الطاقة، ويعزز الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وربط السكك الحديدية والموانئ. وبعد أن كانت الشرق الأوسط مسرحا للتحديات الجيوسياسية، سيسهم المشروع الجديد في تعزيز أمن واستقرار المنطقة وبما ينعكس إيجابا على تنميتها، ورفاهية شعوبها.
توافق مستهدفات رؤية المملكة 2030 مع أولويات الرئاسة الهندية لدول مجموعة العشرين، كشف عمق الرؤية الإستراتيجية التي يقودها ولي العهد من جهة، وجهوده في الربط بين مستهدفات الرؤية، ومدخلات القمم الدولية، التي تكون المملكة طرفا فيها، ومنها قمة العشرين، والشراكات الاقتصادية مع دول العالم، من جهة أخرى، ما يسهم في الربط الوثيق بين مستهدفات التنمية المحلية وإستراتيجياتها، وبرامج التنمية العالمية، ويعزز المكاسب المحلية، ويسهم في تدفق الاستثمارات وتعزيز التجارة البينية وتنفيذ المشروعات التنموية العملاقة الرابطة للقارات والمحققة للأمن والاستقرار.