علي الخزيم
ـ لم يترك وسيلة ولا واسطة إلا استخدمها وتشفَّع بها لينال فرصة وظيفية، وحين نال مبتغاه اجتهد بالعمل فترة، (لكنَّه) مع أوائل المُرتبات ومُضِي فترة التجربة؛ أخذ بالتقاعس والتأخير بالحضور، وادعاء صنوف الأعذار والحُجج حتى ملَّ رئيسه من تكرارها.
ـ واحد من تلك الفئة كان يُمارس ذات الطريقة، وحين سَئِم منه رؤساؤه كانت أول خطوة لتحذيره من مغبة تهاونه بالعمل أن أوعزوا لزميل كان يرتاح له ليناصحه، (لكنَّه) غضب وقال: (يعني ما نعيش حياتنا؛ أنا ألهو بالاستراحة حتى الثانية صباحاً)، واتضح لصاحبه أن الاستراحة تضم من هو أسوأ منه سلوكاً وظيفياً!
ـ ومثله من جاهد حتى حاز وظيفة مرتبها فوق ما كان يأمل، (لكنَّه) أخذ يتعمَّد عدم إجادة العمل وافتعال ما يجعل رؤساءه لا يعتمدون عليه بالإتقان والإنجاز، وحين أنَّبَه زميلَه ليناصحه وليقدم الأفضل؛ قال بالدارجة: (لا تصير صحيِّح ولا تعطيهم وجْه حتى ما يضغطونك بالعمل)! قلت: يجب تطوير واستمرارية أساليب التقويم الوظيفي.
ـ مدير إدارة يريد أن يُطبِّق شمولية العمل والأداء عند موظفي إدارته، وإشغال من لديه ساعة فراغ بحيث يتم التدوير ولِيُتقِن الجميع أعمال الأقسام كافة، (لكنَّه) لا يُطبّق هذا على نفسه؛ بل إنه يتعمَّد التَّسكع بينهم يلعب بمسبحته بحركات استفزازية، وكأنه يقول: أنا المدير!
ـ مدير آخر في كل اجتماع يتحدث عن عدالة المعاملة والأخوية الوظيفية، (لكنَّه) بأحاديثه في مجالسه الخاصة ومع شلَّة الاستراحة يُردد مفردات مُعاكِسة لهذا النهج مثل: موظفيني، إدارتي، مؤسستي، ميزانيتي، وهو مُجرد مدير مؤقت ربما أتى بواسطة أحد معارفه!
ـ مديرة (كانت) تَصِل إلى مقر العمل مع عدد من زميلاتها بحافلة تُقِلّهن كل صباح كمجموعة واحدة، (لكنَّها) ومن نشوة مفهوم (أنا المديرة) تُسارع قبلهن لجدول بيان وقت الحضور ثم تبدأ بوضع إشارات التأخير أمام أسماء البعض بحجة أنهن قد تأخرن قليلاً بالممرات أو لوضع أغراضهن بغرف عملهن، عُقدة التَّحكّم والتّسلط لا تترك البعض حتى مع التقنية الحديثة والبصمة الإلكترونية.
ـ يقال: إن (بعض) المُرشدين الأسريين ومصلحي ذات البين ومن يُسمُون أنفسهم خبراء تحسين العلاقات الزوجية والأسرية هم بحاجة إلى إصلاح أحوالهم ببيوتهم ومع زوجاتهم وأسرهم ومحيطهم الاجتماعي، (لكنَّهم): يُخفون كل هذه العثرات، بما في ذلك قصص فشل زيجاتهم المتكررة، ولا يبوحون بها سوى لخاصتهم مِمّن لا يُمكن الستر دونهم.
ـ يَظْهر مُتحدثاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ ويُغرد مُنظِّراً وموجهاً اجتماعياً، وقد يصل به الأمر لمرحلة الوعظ والفتوى والدعوة لمكارم السجايا والأخلاق، (لكنَّه): بالواقع الذي يعيشه يحتاج إلى مُعجزات ليتمكن من التطبيق الفعلي لأقواله، وليقترن القول بالعمل الصادق، فتنميق الجُمَل والمفردات لا يعني دائماً نقاوة وطهارة الأفعال.
ـ يقوده شعوره بالفراغ النفسي والقصور الذاتي إلى تقمُّص شخصية العارف المُتمكن بما يجري بالمحيط الاجتماعي؛ فهو مع شلة الاستراحة (يَهرِف) بالتحليل الكُروي وحركة الأسهم، ومع الجيران هو الخبير بالعلاقات وحلول عُقَدِها، (لكنَّه): لضحالة فكره وضمور عقله يتعثر (ويتبعثر) عند أبسط المشكلات العابرة بحياته العامة، (التّمِيلح مَنهج القاصرين).