أ.د.صالح معيض الغامدي
لماذا يعبر كتاب السيرة الذاتية وكاتباتها عادة، في سيرهم الذاتية وأحيانا في اللقاءات التي تجرى معهم، عن ترددهم في كتابة سيرهم الذاتية؟!
هل يكون هذا التردد ناجما عن تخوفهم من دخول مغامرة قد لا يدركون أبعادها وعقابيلها فيما يتعلق بنكء جراحات الحياة التي ربما تكون قد اندملت قليلا أو كثيرا، أم أن هذا التردد مرده الخوف من زلات القلم التي قد تكشف بعضا مما يحرص كتاب السيرة الذاتية وكتاباتها على إخفائه، أم أن سبب ترددهم تخوفهم من ألا تبدو تجاربهم الحياتية جديرة بالكتابة، خاصة أن هناك ميلا لدى بعض الأشخاص إلى القسوة في محاكمة مسيرته الحياتية وتقييمها. أم أن استحضار القارئ في أثناء كتابة السيرة الذاتية يشكل عبئا كبيرا على كاتب السيرة الذاتية الذي لا يستطيع وهو يكتب تبين رد فعل القارئ تجاه سيرته، وبخاصة أولئك القراء الذي لهم صلة مباشرة بصاحب السيرة مثل الأهل والأقرباء والأصدقاء ومن ترد أسماؤهم أو شخوصهم في السيرة بطريقة أو بأخرى، أو القراء النقاد الذين قد لا يكون تقييمهم للسيرة المكتوبة تقييما إيجابيا، أو قد يكون نقدهم قاسيا أو متحاملا.
هل يمكن أن يكون هذا التردد مبعثه الخوف من الشهادة على العصر بطريقة قد تكون صريحة جدا، أو قد لا تكون صحيحة أو واضحة أو موضوعية. قد يكون السبب أحد هذه الأسباب، وربما يكون هناك أسباب أخرى كثيرة لهذا التردد الذي يبديه أو يخفيه كتاب السير الذاتية من جراء اجتراح سيرهم الذاتية. وبالطبع لن تجتمع كل هذه الأسباب في السيرة الذاتية الواحدة، لكن سببا واحدا رئيسا قد يكون حاضرا بقوة وربما رافقته أسباب أخرى، قد نكتشف بعضها عند القراءة ويخفى علينا بعضها الآخر. ومع كل هذا التردد يمضي الكتاب في كتابة سيرهم الذاتية لأنهم يعتقدون أن ما يحققونه من إنجاز لأنفسهم أولا،ولغيرهم من القراء ثانيا،من خلال كتابة سيرهم الذاتية يفوق في قيمته كل المخاطر المحتملة التي قد تكون سببا في ترددهم!!