د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تؤكد السعودية تنفيذ مذكرة تفاهم جرى توقيعها على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في نيودلهي لإنشاء ممر اقتصادي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا يكون محور هذا الممر السعودية انطلاقا من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وما تمتلكه من ميزات تنافسية تجعل من مشاركتها في هذا المشروع محورية لإنجاحه، بإعلان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 9 / 9 / 2023 خلال مشاركته في اجتماع الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار ممثلا في إقامة الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا تشمل كلا من السعودية والإمارات والولايات المتحدة وألمانيا والهند وفرنسا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي أي تشترك فيه نحو 50 دولة.
ذكر البيت الأبيض في بيان أن الممر الاقتصادي سيتألف من ممرين منفصلين شرقي يربط الهند بالخليج العربي وشمالي يربط الخليج العربي بأوروبا عبر طرق بحرية وبرية سيزيد من الكفاءة ويقلل التكاليف ويعزز الوحدة الاقتصادية ويخلق فرص عمل مما يؤدي إلى تكامل تحويلي لآسيا وأوروبا والشرق الأوسط، أي أنه سيحقق التنافس التكاملي الإيجابي مع بقية المشاريع الأخرى وخصوصا مشروع الحزام والطريق.
يمكن أن ينضم إليه 52 دولة في إفريقيا خصوصا بعدما تم اعتماد الاتحاد الإفريقي في مجموعة العشرين، وقد تنضم إليه دول أخرى أيضا من أصل 230 دولة في العالم التي تتجه نحو الأقلمة، حيث يتجه العالم نحو اتفاقات ومحاور اقتصادية، وهذا المشروع أحدها بعدما أصبح الاقتصاد يشكل السياسة، وهي التي تحمي العالم من النزاعات السياسية، إذ يصبح الممر عبارة عن شراكة عالمية متعددة المحاور، ومتعدد المرتكزات، وقد عقدت قمة العشرين تحت شعار أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد.
يصل الطريق بين عملاق اقتصادي قابل للنمو وهي الهند وعملاق اقتصادي الاتحاد الأوروبي بعدما تسببت الأزمة الروسية في أوكرانيا بأزمة طاقة أثرت على تنافسيته في التصنيع، ما يعني أن هذا الطريق يؤمن للهند وللاتحاد الأوروبي تأمين الطاقة من السعودية وبقية دول الخليج المحورية في الطريق، ليس فقط الطاقة الأحفورية بل أيضا الطاقة المتجددة وعلى رأسها الهيدروجين، مما يعزز دورها الريادي عالميا كمصدر موثوق للطاقة، خصوصا وأن السعودية تبنت مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر التي أطلقها سمو ولي العهد في عام 2021 التي استقبلها العالم بترحيب كبير، لما تعكسانه من توجهات إيجابية وطموحة لحماية البيئة والحفاظ على مكوناتها، ودعم لجهود العالم في مواجهة التغير المناخي، حيث موقف السعودية الواضح والمعلن في هذا الصدد هو التركيز على الانبعاثات دون المصادر في إطار تطبيق اتفاقية باريس.
كما يعزز الممر الاقتصادي التبادل التجاري وضمان تدفق سلاسل الإمدادات التي تأثرت في زمن الجائحة وفي زمن الحرب الروسية في أوكرانيا ومد خطوط أنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين الأخضر الذي سيبلغ إنتاجه في السعودية عام 2026 نحو 600 طن يوميا ينتج من مصنعها في نيوم لتعزيز أمن الطاقة العالمي، بجانب كابلات لنقل البيانات ما جعلها تحتل المركز ال21 عام 2021، وسيسهم الممر إلى تنشيط واستحداث أنشطة اقتصادية جديدة على امتداد الممر ودفع دوله نحو تعزيز نموها الاقتصادي.
تم توقيع مذكرة التفاهم بعدما أصبحت السعودية تمتلك بنية جاهزة للنقل والخدمات اللوجستية التي أطلقتها السعودية في منتصف عام 2021 وكذلك إعلانها عن إطلاق 59 مركزا بإجمالي مساحة 100 مليون متر مربع تتوزع على 12 منطقة يجري العمل على 21 مركزا في الوقت الحالي على أن تكتمل بقية المراكز عام 2030، أي أن السعودية تمتلك جاهزية لتلك المشاريع التي تنتج من مشروع الممر الاقتصادي، كما بدأت في استثمار 15 مليار دولار في البنية التحتية المعلوماتية وفي الاستثمار في مراكز البيانات بنحو 18 مليار دولار.
إذ تعد الخدمات اللوجستية بمثابة العمود الفقري للاقتصادات أو لأي مشروع مثل الممر الاقتصادي من الهند إلى أوروبا وهي من البنى التحتية التي تحتاج استثمارات ضخمة، ما يعني أنها بحاجة إلى دعم وتكاتف الحكومات لأن العالم بحاجة إلى مثل تلك الممرات الاقتصادية التي تمثل شرايين يتم ضخها في جسد الاقتصاد العالمي لتعزيز سلاسل الامدادات التي تأثرت بعدد من الجوائح والأزمات والحروب.
ما يعني أن العالم أمام مشروع تنموي نهضوي لا يستثني مكانا جغرافيا في العالم وهو ثمرة اتفاق سعودي أميركي في قمة الهند باعتبار السعودية محور الممر أكدت جميع الأطراف على أهميته لأنها ستضاعف حجم التجارة 4 أضعاف الحجم الحالي إن لم يكن أكثر، هذا عدا دفع تطوير البنية التحتية للنقل الأخضر بشكل كبير وحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة وسيزيد من ضخ استثمارات في السعودية مع هذا الربط.
هذا الربط العالمي سيوفر فرصا ضخمة للشركات السعودية العملاقة لدور متعاظم كمدينة الملك عبد الله ونيوم وشركة أرامكو وسابك ستكون محرك رئيسي في جذب مستثمرين في مجالات ذات صلة، ما يسهم في توليد شركات جديدة وتوفير فرص عمل هائلة، وقد تقدمت السعودية في مجموعة العشرين من المرتبة الـ18 إلى المرتبة الـ16 وتود ان تكون إحدى أكبر 15 اقتصادا عام 2030.