سهوب بغدادي
وفقًا لما تردد في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة فإن مجمع اللغة العربية في القاهرة الذي تأسس في عهد الملك فؤاد الأول عام 1932، قد قام بإدخال كلمات جديدة على القاموس العربي من أبرزها «ترند» و»ترويقة» و»ترويسة» و»ترهل» وقال المعجم إن «الترند» كلمة معربة من الأصل الإنجليزي وتعني نزعة أو ميل أو موضة، كذلك ناقشت في مقال السبت الماضي في 8 سبتمبر 2023 بعنوان «رجعية اختيارية» فقلت «أعتقد أننا وصلنا إلى المرحلة التي أصبحت فيها كلمة فلتر تشير إلى السناب والتعديلات التي يحدثها على الوجه، وليس فلتر الماء أو الهواء، إذ ارتبط مفهوم الفلتر بالجمال، بل الهوس،...»، إذ ساهم التطور الرقمي في اقتحام شتى الإطارات والمجالات وشمل ذلك اللغات تباعًا، لذا نشهد مثل هذه المصطلحات الصاعدة على المشهدين المجتمعي واللغوي على حد سواء، وأناقشها هنا كظاهرة لغوية وليس اجتماعية، كصواب أو خطأ، باعتبار أن الظاهرة قديمة منذ الأزل وليست حصرًا على زماننا، فالذي اختلف المصطلحات فقط وليس المفهوم والفكرة والآلية لتغذية اللغة ومواءمتها مع نظيراتها على الساحة، ما نراه يدور ما بين التعريب والتبني أو النقحرة «النقل الحرفي»، وإن كان التبني من لهجة عربية أخرى، ولنا في كلمة «ترويقة» خير مثال، والتي تعني الفطور أو وجبة الصباح باللهجات الشامية «Le Levant» وقد يرى اللغويون أن دخول الكلمات الجديدة بأي آلية من الآليات المعتمدة في اللغة أحد أهم معايير مواكبة اللغة لما يدور عالميًا في مختلف المجالات، فيما يرى البعض الآخر أنها تهديد لهوية اللغة -لا يقصد بها هوية وثقافة البلد- إنه حتمًا موطن للجدال ومبحث مترامي الأبعاد في ظل تعدد مستويات اللغة العربية أساسًا وتعدد لهجاتها وأبعادها كاللغة الهجينة وما تحمله كالرطنة (pidgin languages) أو اللغات المولدة (Creole languages) وأساليب وآليات تكييف اللغة كلغات العمالة الأجنبية وما إلى ذلك من تنوع للغة في موقع جغرافي واحد، بلا شك إن إدخال مصطلح حديث ومعرب قد يبدو غير رصين في ظاهره إلا أن بعض اللغات تعتمد هذه المنهجية لغياب المرادف الدلالة المباشرة من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف، وقد تبدو ركيكة في حال تعربيها ككلمة حاسب عوضًا عن «كمبيوتر» لأن الجهاز أداة تقوم بأمور تتعدى العمليات الحسابية، فلو كنا نتحدث عن بدايات الحاسب في الـ 1946 فنعم، لأن عمله قاصر وليس بالتطور والتنوع الذي نراه عليفي يومنا الحالي، بغض النظر عن الآنف ذكره، تبقى اللغة العربية والتحدث والتعامل بها مثارًا للفخر والاعتزاز، لبلاغتها وشاعريتها، واستذكر لكم في هذا السياق ترند -ولم أضع علامة تنصيص نظرًا لدخول الكلمة إلى المعجم بالاستناد إلى الخبر الحديث- وهو كيف نقول في اللغة العربية مثالاً أنت جميل، فيتم المقارنة بين الجملة باللغتين الإنجليزية والعربية التي تأتي فيها الأولى بشكل مقتضب ومباشر وبديهي، أما اللغة العربية فتصف الجملة عبر شطر من الشعر الفصيح أو بطريقة بليغة غير متوقعة، ختامًا، لا تقلقوا من ضياع لغتنا فنحن -بعد الله تعالى - نحميها.