أحمد المغلوث
لا أعتقد أن هناك من شاهد كارثتي المغرب و درنة الليبية إلا, شعر بحزن عميق وهو يستمع لأصوات المنكوبين أمام اعصار «دانيال» أو بكاء الأشقاء في منطقة «الحوز المغربية» المنكوبة نتيجة لما تعرضت له من زلزال مدمر جعل قراها أثراً بعد عين. فلاعجب بعد ذلك وأمام ماحدث في مراكش المغربية أو درنة الليبية من مشاهد فوق الوصف فالعيون تدمع والقلوب تتألم أو كما قال الشاعر المبدع الدكتور حسن فتح الباب رحمه الله: (الموتى لايشكون والموتى لايبكون) فالدمار الهائل في كلتا الدولتين ومن خلال كارثتين طبيعيتين زلزال وعاصفة هوجاء لم ترحم صراخ الأطفال والأمهات وهي تبتلعهم وتسحبها هم وبيوتهم إلى البحر. ياالله كم هي إرادة الله سبحانه وتعالى قادرة على أن يحدث ماحدث خلال لحظات.
وفي مشهد فنتازيا مروع كانت الدفوف والأهازيج المغربية تعزف فرحاً بعروسين في إحدى البلدات التي باتت منكوبه وإذا بالفرح يتحول إلى صراخ وهرج ومرج واهتزاز واضح لكاميرا التصوير التي كانت توثق الفرح الذي بات فرحاً دامياً واختفى بعدها كل شيء هكذا هي الأقدار لامهرب منها ولا ملجأ منها إلا الله. ومع هذا وبعد انكشاف حقيقة كيف كانت نوعية المادة التي بنيت بها بيوت القرى والبلدات في تلك المنطقة والتي سرعان ماتهاوت ولم تقاوم لسبب بسيط أنها كانت مبنية من خامات البيئة المحلية من طين وأحجار ضعيفة. طبعاً لايلام المواطن المقيم في هذه البلدات إذا بنى بيته بمواد طينية ضعيفة القدرة وهشة فلا قدرة لها للمقاومة أمام زلزال بهذا المقياس (7.2 على مقياس رختر) والسؤال الذي يطرح نفسه خاصة وأن الكثير من أبناء المغرب على معرفة وثقافة واسعة بحكم تعليمهم وهجراتهم في أوروبا وبالتالي فهم يعرفون أهمية المسكن الصحي والصالح فمن المفروض أن تتواجد جمعيات تعاونية تساهم فيها جمعيات مختلفة وتدعم من قبل الدولة لإنشاء المساكن النموذجية والمثالية ومن حق أي مواطن عربي أبكته مشاهد زلزال المغرب الشقيق بل وكل إنسان مسلم أن يتساءل لماذا غابت التنمية السكنية عن هذه البلدات؟ وإذا كان هذا أول مايتبادر إلى الذهن وهو يشاهد كيف تساوت بيوت «الحوز» بالأرض فإن ما لايمكن إدراكه حتى الآن بالنسبة للكثير من المراقبين هو كيف غابت الشركات العقارية والتعاونية وحتى رؤوس الأموال وما أكثرها في المغرب الشقيق عن تطوير وتنمية والاسثمار وعلى مدى بعيد في تنمية مناطق أطلس الجميلة والجذابة والتي يعشق السياحة فيها السياح من مختلف دول العالم؟
وكما يقال رب ضارة نافعه فكم أتمنى ويتمنى معي كل من عرف المغرب وتاريخه ونضاله وتميزه. لماذا لاتطلب السياحة المغربية من شركات عالمية استثمار المواقع الشهيرة والمتميزة في مختلف مناطق المغرب؟. وكم هو جميل أن تستثمر ساحة الفنا في مراكش لعمل أكشاك من وحي المعمار المغربي وتوزع على كل من لديه مهنة أو فعالية أو محتوى جذاب. وبإيجار رمزي ..وليسمح لي الأحبة الأشقاء في المغرب أن أكتب هذا انطلاقاً من حبنا للمغرب الجميل جمال إنسانه. وروعة طبيعته وغيرتنا عليه.
وماذا بعد؟ لا يمكن أن نخفي أن تغير المناخ في مختلف دول العالم يجعلنا نهتم وبصورة سريعة وفاعلة بالتوجه فوراً لمختلف المناطق ذات البنية الهشة والمباني الضعيفة أو التي مضى عليها 50 عاماً أن يتم دفع مبالغ لأصحابها لتطويرها ولو من خلال قروض ميسرة فكثير من المساكن وحتى البيوت القديمة والتي مازالت موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم بحاجة للإزالة واستبدالها ببناء جديد .. وكل شيء بإرادة الله .ولنا فيما حدث في المغرب وليبيا عبرة.