عبد العزيز الهدلق
رحم الله سمو الأمير خالد بن محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن، الذي عرفته قبل أكثر من ثلاثين عاماً، شاباً يافعاً يتدفق حيوية وحباً وحماساً لناديه الهلال، يميزه النقاء في صدره والبياض في قلبه و العفة في لسانه، عاشق هلالي بامتياز. وأكثر ما كان يتصف به سموه التواضع والبساطة التي جعلته قريباً جداً من كل يعرفه، إلى درجة أن الجميع يعتبره صديقه لطيب معشره، وسماحته.
هذا على المستوى الإنساني، وعلى الجانب العملي كان رياضياً متمرساً، اتصف بالفهم والدراية والمعرفة العميقة بأسرار وفنون كرة القدم، وبرز كصاحب نظرة ثاقبة ورؤية عميقة في تقييم الأداء الكروي. وله نظرة فاحصة في عمل المدربين، ويستطيع تحليل أداء المدرب في التمارين والمباريات بدقة متناهية، وكذلك اللاعبين فنظرته فيهم لا تخيب. يستطيع بكل ثقة أن يقول رأيه الفني الدقيق والصائب في اللاعب سواء كان محلياً أو أجنبياً، ويفرز بدقة الجيد من الردئ.
عمل مديراً للفريق الهلالي الأول، ثم نائباً لرئيس مجلس الإدارة مع سمو الأمير الراحل عبدالله بن سعد رحمهما الله جميعاً، ثم رئيساً لمجلس إدارة النادي. وشهد النادي في عهده قفزات تطوير هائلة، وتحقيق بطولات نوعية غير مسبوقة، وأهمها أول بطولة آسيوية هلالية سعودية عندما ترأس البعثة الهلالية المشاركة في النهائيات التي أقيمت بقطر عام 91.
وحتى بعد انتهاء فترة عمله الرسمي بالنادي استمر عضو شرف فاعلاً ومؤثراً، كما استمرت صلته بمحبيه من مختلف الميول، والكثير منهم هلاليون، ولم يتغير ولم يتبدل طوال السنين في علاقاته، ومحبته مع من أحبوه.
وشاءت أقدار الله سبحانه وتعالى أن يبتلى بالمرض الذي ألزمه السرير الأبيض، وعانى رحمه الله حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، نسأل المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويتولاه بغفرانه ورضوانه، ويجعل ما أصابه رفعة في درجاته، وأن يثقل به ميزان حسناته، وأن يرزقه الفردوس الأعلى من الجنة ويجمعه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ويجعله في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
زوايا..
** تقارب العمر مع إعلاميي وصحافيي جيل بداية التسعينيات الميلادية جعل الأمير خالد بن محمد صديقاً لهم، قريباً منهم، صريحاً معهم واثقاً بهم لا يخشى تسريباً أو نشراً لمعلومات يفضي بها لهم، بمجرد أن يشير أنها ليست للنشر، وكان الجميع دوماً عند حسن ظنه وثقته.
** بلغ به رحمه الله في التواضع والتباسط مع من حوله إلى درجة الاندماج بشكل عجيب.
** حب سمو الأمير خالد بن محمد للهلال وعشقه للقميص الأزرق كان غير عادي، يجعل المتأمل يعجب من هذا الحب الجارف له، رحمه الله، تجاه ناديه والذي كان أحد صناع مجده الحديث.
** كان عندما يغيب عن الأنظار في النادي لا يدل محبيه على مكانه سوى صوته الجهوري وضحكاته المجلجلة التي تنبع من أعماق قلب أبيض. رحمه الله رحمة واسعة.
** كان رحمه الله ودوداً متسامحاً، لايقف عند الصغائر، كان متغافلاً بفطنة وذكاء، يتحاشى جرح الآخرين أو إحراجهم، مع حبه للنكتة والطرفة والمرح، التي لا يكتفي بالاستماع لها بل بصناعتها.
** لسموه رحمه الله أيادٍ بيضاء كريمة ومواقف إنسانية مضيئة رائعة مع كثيرين من منسوبي النادي من لاعبين وإداريين وموظفين، ورغم سرية كثير منها إلا أنني كنت واقفاً شاهداً على العديد منها.
** ستبقى ذكرى سموه حية في صدور ونفوس محبيه، تنبض قلوبهم بمحبته. ولن تغادر صورته الزاهية ومواقفه الجميلة ذاكرتهم أبداً.