سارا القرني
الحرب على المخدرات.. ليست حرباً قصيرة الأمد محدودة المكان، إنها حربٌ مستمرة دائمة لم ولن تتوقف، وتتعدى جغرافية أي دولة إلى ما آخر العالم.
المملكة العربية السعودية في أوقات مختلفة.. أعلنت أنها تعاونت مع عدة دول لإحباط تهريب كميات ضخمة ومهولة من المخدرات، وكان أول خبر أطلع عليه شخصياً هو إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة جداً الحبوب المخدرة لصالح حزب الله عبر نيجيريا، ثم إحباط أكثر من 300 كيلوجرام من الهيروين قادمة من ماليزيا، ثم إحباط أكثر من 6 ملايين قرص مخدر بالتعاون مع سلطنة عمان، وفي شحنة واحدة تحبط تهريب أكثر من 47 مليون حبة إمفيتامين مخدر.
من يعتقد أن الحرب على المخدرات هي حرب من أجل صحة الشباب فقط فهو واهم.. إنها حرب على الإرهاب ومصادر تمويله، وكذلك حرب على نهضة الدول التي قررت أن تتقدم وتواكب الزمن أو تسابقه في شتى مجالات التطور، فليس من المعقول أنه في كلّ عملية إحباط تهريب تزداد كميات المخدرات مقارنة بالمتناولين الفعليين في كلّ دولة.
الحملات المباركة التي شنها جهاز مكافحة المخدرات في المملكة بأوامر ومتابعة من القيادة الحكيمة أيدها الله.. ساهمت في تجفيف الكثير من منابع التهريب وأدواته، بل وحدا البعض إلى مراكز علاج الإدمان المتطورة، والتي جاءت إحصائياتها بنتائج كبيرة ومبهجة للجميع.
العجيب في الأمر.. أن المروجين الذين تقبض عليهم المملكة لا بد وأن تقبض عندهم على أسلحة نارية وبيضاء، فالقلق الدائم الذي يعيشون فيه والأماكن المهجورة التي يقطنون فيها لممارسة تجارتهم تدفعهم إلى اقتناء الأسلحة، لكن هذا ليس كلّ شيء.. بل إنّ المواجهات النارية التي يبدؤونها قبل أن يتم القبض عليهم هي مكمن الخطر وأساس تواجد كلّ سلاح، هذا يعني أن المخدرات لا يطال خطرها المدمر على أفراد المجتمع بل تمتد إلى رجال الأمن الشرفاء.
قبل أسبوع أو أكثر.. قرأنا أخباراً بالحكم على بعض المروجين أو مدمني المخدرات بالسجن بضع سنوات متفاوتة كلٌّ حسب الكمية التي قبضت بحوزته وكذلك طريقة استخدامها هل هو مدمن أم مروج؟.. وبصراحة شعرت بأنّ الأحكام التي نالوها لا تمثل حجم الجريمة التي ارتكبوها، نتفهم أنّ المدمن لا يتاجر بالمخدرات إلا فيما ندر.. لكن المروجين وتجار المخدرات لا بدّ أن تكون أحكامهم مغلظة جداً بحيث يكونوا عبرة لغيرهم ورادعاً لكلّ من تسوّل له نفسه الاتجار بهذه المواد الخبيثة.
رغم كلّ هذا.. لا تزال الحرب في بدايتها، ورغم كل الجهود لا زال للتجار طرقهم الملتوية والمخادعة لمحاولة استغفال رجال الأمن، الذين نسأل الله أن يوفقهم ويلهمهم دائماً لمنع الخطر قبل حدوثه.