منى السعدي
هناك من يفكر بماذا سأقدم لهذا اليوم؟ وهناك من يحمل في ثناياه هوى الوطن، هناك من يفكر في تجهيز القلم البارع لتسجيل الفخر بالإنجازات الحاضرة، وهناك من يحمل في قلبه الانتماء والحب الموروث المستمر من الأجداد حتى الأحفاد للأرض المحتضنة تاريخهم وعطاياهم.
الوطن منبع المحبة والهيام، وأصالة الصِّبا والخيام.
أنا وليد تلك البقعة الصغيرة المنتمي إليها، وطني عشت فوق رمالك وأكلت من خيراتك، وسِرتُ بين جبالك، أنا وهامتي منكَ وإليكْ، أنا الابن البار، أنا الحصن الحصين، أنا المدفع المتين.
لقد حَفَظْتَ الحقوق فحُفِظْت، حميت القوانين فشُرِّعت. ونظرت للاحتياجات فلُبِّيت.
إن الانتماء الوطني هو الانتساب الصادق من الشخص لوطنه من خلال أفعاله وتصرفاته، ويُعزز ذلك الانتماء التبادل بين الفرد والدولة في الحقوق والواجبات.
ومن صور الولاء بدورنا كمواطنين تجاه هذا الوطن الحفاظ على الانضباط والالتزام، والاحترام، والاعتزاز.
ومن أهمية الانتماء الوطني أن يقوم على إعداد الإنسان على نحو جيد، للعيش في وطنه، ويعمل على تنظيم العلاقات بين الأجناس، والثقافات المختلفة، وهذا ما وصى به ديننا الحنيف في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أتقاكم}.
وقول نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-: (لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى).
تعزيز هذا الانتماء يعمل على حماية المجتمع من عوامل الفساد والانحراف ويؤدي إلى تكامله وترابطه.
خلّاق الرؤية ونابغة التجديد، من مسميات هذا العصر بعد رؤيتنا للتطور المُذهل خلال هذه السنة في إيجاد مجتمع حيوي، تسجيل مواقع أثرية جديدة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة (اليونسكو)، واستقطاب وتنظيم الفعاليات الرياضية العالمية ونجاحها في الفعاليات الترفيهية، وتضاعف أصول صندوق الاستثمارات العامة، وارتفاع الإيرادات غير النفطية، وغيرها الكثير من الإنجازات التي رفعت سقف الأحلام السعودية ليتم زفّها في عالم النمو والتقدم والازدهار.
اقترب اليوم المُنتظر عند صنُاع المستقبل الشباب والشابات، من كان لهم الأثر في الماضي البعيد والحاضر القريب، وأصبح الجميع يحتفل على طريقته الخاصة، فهناك من الشعراء الكبار من جادت قريحته بالقصائد الوطنية التي تعزز قيمة الولاء والحب والترابط بين القادة والشعب وأرض الوطن، ومن تلك القصائد قصيدة الشاعر الكبير (سعد بن جدلان الأكلبي) رحمة الله عليه، والتي قال فيها:
أحيي ملوك قلوبنا ب أجمل الترحيب
وأهنيه في عيد البلاد وفرح الأيام
مليكن بعهده كل شعبه يعد الطيب
أفضل من تسلطن في ملوك اليمن والشام
ظلم الأبرياء حوبه ورجم السيادة عيب
شذوذٍ عن الوحدة وشرك على الإسلام
وأنا شاعرٍ عشاقتي سايل ومجيب
تكتبني غلا من بحر جيزان للدمام
سعودي إثباتي فوق راسي ووسط الجيب
أكابر به الرفعة وأنافس به الحكام.
وتعد القيم الإنسانية من السمات البارزة وركيزة أساسية من ركائز ومضامين الشعر الوطني، وتتلخص هذه القيم في الفخر والاعتزاز والدفاع عن الوطن ونشر العدل والمساواة.
وفي الختام، إن القيمة الحقيقة للإنسان هي وطنه الذي يعيش فيه وينتمي إليه. يا أيها الشعب السعودي العظيم قيمتكم الحقيقية تَكْتمل بوطنكم.