محمد بن عيسى الكنعان
في يوم السبت الثامن من ربيع الأول لهذا العام (1445هـ) تحلّ علينا ذكرى غالية ليوم مجيد، وهو يومنا الوطني الذي يُصادف الأول من برج الميزان، الموافق يوم (23 سبتمبر) كل عام؛ حيث يأتي هذا اليوم التاريخي السعيد، لموطن المجد التليد في ذكراه (الثالثة والتسعين)؛ هذه الذكرى التي تعزف أنغام السرور والابتهاج على وتر وجداننا، لهذا اليوم العظيم الذي يعكس تميزنا عن غيرنا، فالدول عادةً تحتفل بذكرى استقلالها، أو اتحادها، أو جلاء الاستعمار عنها، لكننا في ذكرى يومنا الوطني نحتفل بيوم اجتماع كلمتنا خلف قيادتنا، يومٌ يُشكل علامة فارقة في مسيرتنا الحضارية، وتأريخًا مُعبرًا عن ملحمة التوحيد الخالدة لجميع مناطق مملكتنا، هذه المملكة الفريدة التي تُماثل قارة في حجمها وخصائصها، وتنوع تضاريسها ومقوماتها، وتميز هويتها وثقافاتها، وتعدد تقاليدها وعادات سكانها.
هذا الامتياز الذي أسعد الصديق، وأغاظ العدو يدعونا إلى أن نحمد الله كثيرًا على عظيم نعمائه وسيادة أمنه، وأن نلهج بالدعاء للمؤسس الموحد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - الذي وحّد هذه البلاد المترامية الأطراف تحت راية شامخة تحمل كلمة واحدة خالصة، ومن بعده أبناؤه الملوك الكرام سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله - عليهم رحمة الله - وإلى يومنا هذا الزاهر بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قائد مسيرتنا، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، عرّاب رؤيتنا الطموحة نحو آفاق مستقبلنا المشرق -حفظهما الله-.
إن ذكرى اليوم الوطني التي ستبقى -بمشيئة الله- حاضرة في ذاكرة أجيال الوطن، ونابضة في قلوب أبناء المملكة وبناتها، لأنها تُجسّد العبقرية السعودية الفذة في توحيد قبائل الجزيرة العربية على يد الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- وتحكي قصة ميلاد أمة اكتسبت من أرضها العربية الصحراوية أبرز سماتها؛ نقاء المياه، وصلابة الجبال، وامتداد الرمال، وشموخ النخيل؛ فأصبحت المملكة العربية السعودية عمق الخليج الاستراتيجي، ومحور الوطن العربي، وقلب العالم الإسلامي، وفي مصاف دول العالم المؤثرة باستقرارها السياسي، ودورها الإقليمي، وثقلها الاقتصادي، ونسيجها الاجتماعي المتماسك.
وحدتنا الوطنية التي نستشعرها من خلال هذا اليوم المجيد لا تعني الابتهاج والاحتفال فقط، فهذا متوقع، أو الفخر والاعتزاز فحسب فهذا مطلوب، بل أن (نحلم ونحقق)، من خلال الشعور الوطني النبيل بقيمة المكتسبات الوطنية المتوفرة، وأهمية المنجزات السعودية المحققة، وذلك بالمحافظة عليها أولًا، ومواصلة المسيرة ثانيًا، والإضافة إلى رصيدها ثالثًا. نعم (نحلم ونحقق)؛ لأن ذلك هو أبسط رسالة لكل شرفاء العالم ممن يُحب بلادنا وتُسعده أحوالنا، كما أنه أبلغ رد على كل من يُعادي بلادنا العزيزة، أو يهاجم قيادتنا الرشيدة، أو يُشكك بهويتنا العربية الإسلامية، أو يطعن بتاريخنا الوطني، فالمنجز السعودي في أي مجال يُصيبه بالكمد، ويجعل نار حقده تأكل صدره. فنقول له بلغةٍ واضحة وصوت مسموع: في يومنا الوطني.. موتوا بغيظكم.
لذا؛ ينبغي أن نستشعر القيمة الفعلية لهذه الذكرى الغالية، وأن نحتفل بأعظم مُنجز حققه أجدادنا بالأمس بقيادة أبي تركي، وامتد إلى حياتنا اليوم على المستويين الديني بخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، والدنيوي ببناء دولة فتية وفق مفاهيم الدولة الحديثة، مستلهمين الأبعاد الحضارية ليومنا الوطني؛ المتمثلة في الوحدة الوطنية، واستتباب الأمن، وإقامة الدين، وحياة الرخاء، والمشاركة العالمية، خاصةً والمملكة تمر بمرحلة استثنائية في واقعها التنموي وفق رؤيتها الطموحة 2030. حفظ الله لنا قيادتنا، وأدام علينا الأمن والخير والسلام، ودام عزك يا وطن.