فضل بن سعد البوعينين
ذكرى غالية يجسدها اليوم الوطني المجيد، الذي أنعم الله فيه على هذه البلاد وقيادتها وشعبها بتوحيد المملكة، على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- الذي مكنه الله سبحانه وتعالى من جمع شتات الأمة، وتوحيدها، وإعادة بناء دولة المؤسسات، والمضي في تنميتها وإطلاق مشروعاتها المتنوعة، ثم سلم رايتها لأبنائه البررة من بعده. عقود من التنمية المتواصلة، التي جعلت الإنسان محورا لها، وتسابق على تنفيذها ملوك المملكة، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان. أُطلقت فيه رؤية المملكة 2030، وبدأت مرحلة الإصلاحات الكبرى، والتنمية النوعية، واستثمار المقومات المتاحة وفق إستراتيجية بعيدة المدى هدفها صناعة المستقبل، وبناء السعودية الجديدة وتعزيز مكانتها بين دول العالم المتقدم. لم تعد احتفائية اليوم الوطني مرتبطة بتاريخ تأسيس المملكة فحسب، بل وبمستقبلها الزاهر والمشروعات والبرامج الاقتصادية والتنموية والسياسية والأمنية، والإنجازات المشهودة التي يتم تنفيذها لبناء المستقبل وتحقيق أمنها واستقرارها. فقطار التنمية جعل من اليوم الوطني محطات يقف عندها في كل عام، يحتفي بالإنجازات، والمشروعات الكبرى والبرامج التنموية التي انبثقت عن رؤية المملكة 2030. احتفاء يجمع بين ملحمة توحيد المملكة، وبين خطط التنمية ومشروعاتها الكبرى وصناعة المستقبل.
ما تشهده المملكة من تنمية، وتحول اقتصادي، وبرامج نوعية لبناء المستقبل هو نتاج لرؤية القيادة الإستراتيجية، وجهودها المبذولة لاستثمار مكامن القوة وتحويلها إلى مشروعات تنموية كبرى تنعكس إيجابًا على الوطن والمواطنين، وتزيد من تنافسية المملكة ومكانتها العالمية.
اليوم، وفي الذكرى 93 لتوحيد المملكة، تبرز الإنجازات الاقتصادية، المالية، الاجتماعية، والأمنية التي تؤكد نجاعة الإصلاحات الشاملة، الهادفة لتعزيز مكانة المملكة عالميًا، وبناء اقتصادها على أسس من التنوع والاستدامة، وترسيخ أمنها واستقرارها ورفاهية مواطنيها.
استثمار الموارد المالية والمقومات المتاحة لتنمية الوطن وخدمة المواطنين هو هدف القيادة، التي أطلقت الرؤية ووضعت أسس البناء الحديث والتنمية النوعية وصناعة المستقبل. حبى الله هذه البلاد بمقومات اقتصادية ضخمة ونوعية أصبحت مع الرؤية من محركات الاقتصاد وبناء المستقبل.
أعادت رؤية المملكة 2030، هيكلة الاقتصاد السعودي وفق رؤية مستقبلية محققة للاستدامة والتنوع الاقتصادي والتنمية الحديثة. فأصبح الاحتفاء باليوم الوطني مقترناً بإنجازات لافتة ومشروعات كبرى، وبرامج تسهم في صناعة المستقبل وتعزيز قوة الدولة واقتصادها وتنافسيتها العالمية، ومعالجة التحديات وفق رؤية مستقبلية طموحة.
الإنسان أولاً شعار أطلقه، خادم الحرمين الشريفين، والتزم بها وجعل منه قاعدة لجميع المشروعات التنموية، فكل ما تقوم به الدولة موجه لخدمة شعبها، ولتنمية اقتصادها، ولترسيخ أمنها واستقرارها، وأمن المنطقة.
أعاد سمو ولي العهد تعريف مفهوم التنمية الحديثة، وبدأ في تطوير مجتمعات حضرية يكون فيها الإنسان المحور الرئيس، وبدأ في تفعيل دور القطاعات الواعدة، وتنميتها لتحقيق التنوع الاقتصادي، وخلق مزيد من فرص العمل والفرص الاستثمارية للمواطنين.
خلال عام من الاحتفائية الماضية باليوم الوطني، تمكنت الحكومة من إنجاز نجاحات مهمة في القطاعات الاقتصادية، المالية، الاجتماعية، والسياسية وغيرها من القطاعات الأخرى، وهي جزء من مستهدفات الرؤية، وتم إطلاق مشروعات وبرامج تنموية معززة للمكاسب الوطنية ومحققة للأهداف الإستراتيجية. حيث أطلقت استراتيجية الرياض، وأُعلِنَ عن ما يقرب من 100 مبادرة ومشروع تستهدف تحقيق الأهداف الطموحة، وخلق تحول كامل في وجه المدينة ومكوناتها وخدماتها، واقتصادها الذي يشكل ما يقرب من 50 % من الاقتصاد غير النفطي للمملكة، ثم أعلن سمو ولي العهد عن إطلاق شركة تطوير المربع الجديد، التي تهدف لتطوير أكبر داون تاون عالمي حديث في مدينة الرياض، وبما يسهم في تطوير مستقبل العاصمة، ويتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
مشروع ضخم سينفذ على مساحة تتجاوز 19 كم²، ومساحة طابقية تصل لأكثر من 25 مليون متر مربع، تطبق فيه معايير الاستدامة، ويستهدف رفع مستوى جودة الحياة، وتعزيز المفاهيم الصحية والرياضية والأنشطة المجتمعية، إضافة إلى ما يحتويه المشروع من ركائز ثقافية، فنية، تقنية، وسياحية. سيسهم المشروع في دعم الناتج المحلي غير النفطي بنحو 180 مليار ريال، وسيخلق ما يقرب من 334 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
بناء أيقونة «المكعب» ليكون رمزاً حضارياً عالمياً لمدينة الرياض، من مكونات المشروع الرئيسة، وهو إحياء وترسيخ لذكرى قصر المربع القديم، وربط الحاضر والمستقبل بالإرث التاريخي العظيم. يعيد سمو ولي العهد رسم التنمية الحضرية على قواعد الإرث التاريخ. شكل فتح الرياض بداية توحيد المملكة، وهي مرحلة مفصلية تستحق التوثيق بمشروع تنموي يعكس الحقبة التاريخية، والتراثية المهمة لمدينة الرياض، ومحاكاتها ببناء حضاري ضخم يحاكي المستقبل ويصنع التنمية الحديثة على قاعدة التاريخ.
شهدت الفترة الماضية أيضاً إطلاق مشروعات كبرى، ومشروعات تنموية في مناطق المملكة المختلفة وبما يعزز سياسة التنمية المتوازنة والشاملة. مشروع ذا لاين، كان أحد أهم المشروعات التنموية المبتكرة، إضافة إلى مشروع تطوير وسط جدة، ومشروع مرافئ الضخم شمال جدة، وتطوير جزيرة دارين وتاروت وتطوير مراكز مدن حضرية في 12 مدينة و11 منطقة، وإنشاء شركة داون تاون السعودية لتنفيذ تلك المشروعات المهمة المعززة للتنمية، وجودة الحياة، وتدفق الاستثمارات، وتحقيق نمو الأنشطة الاقتصادية، وخلق الفرص الوظيفية في المدن المستهدفة. إطلاق إستراتيجيات وطنية للنقل والخدمات اللوجستية، والصناعة، والاستثمار، من أهم مخرجات العام الماضي، وهي إستراتيجيات مهمة تستهدف تطوير الاقتصاد وتحقيق هدف تنوعه وجذب الاستثمارات واستكمال البنية التشريعية وتحسين البيئة الاقتصادية والاستثمارية الشاملة، ورفع تنافسية السوق السعودية.
وخلال الفترة الماضية، أعلن سمو ولي العهد عن إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة في الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية شمال مدينة جدة، هو جزء مهم من رؤية إستراتيجية شاملة لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولتنويع مصادر الاقتصاد، ونقل التقنية، وخلق الوظائف، وتوطين الصناعات وزيادة الصادرات السعودية، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية عالمية.
استثمرت المملكة موقعها الإستراتيجي المطل على البحر الأحمر والخليج العربي لخلق مناطق اقتصادية عالمية، مستفيدة من مقوماتها المتاحة ومنها الموانئ الحديثة، والبنية التحتية العالمية ما سيسهم في رفع تنافسيتها، وقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، ودعم النهضة الصناعية، وتأسيس الشركات الوطنية، وتعزيز النمو، وزيادة حجم الصادرات السعودية.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص من الإنجازات المتحققة أيضاً، والمعززة للتنمية الاقتصادية، والمحققة للتنوع الاقتصادي، ورفع تنافسية الشركات، وتحفيز الإبتكار، وتحقيق الكفاءة والجودة، وزيادة حجم الشركات السعودية وتمكينها من المنافسة العالمية وتحمل دورها في قيادة الاقتصاد مستقبلا، حيث تم الإعلان عن الحزمة الأولى من مشاريع الشركات الكبرى المنضمة إلى برنامج شريك وعددها 28 شركة، بينها 8 شركات كبرى تعمل على 12 مشروعاً بتكلفة 192 مليار ريال، في الحفل الذي حضره سمو ولي العهد ما يؤكد إهتمامه الشخصي بالبرنامج، وأهدافه الطموحة، ومتابعته الدقيقة للبرامج الإستراتيجية.
من المتوقع أن تحقق الحزمة الأولى من المشروعات المدعومة التي تم الإعلان عنها، أثرًا مباشرًا على الناتج المحلي للمملكة بما يقرب من 466 مليار ريال خلال العقدين القادمين، وخلق نحو 64 الف وظيفة حتى العام 2030.
يعكس الانتقاء الحصيف للقطاعات المستهدفة بالتحفيز، حرص القيادة على توجيه دعمها للشركات الكبرى القادرة على تحقيق أهداف رؤية 2030 ذات العلاقة برفع مساهمة قطاعات اقتصادية محددة في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى أهميتها في نقل التقنية وتوطينها والابتكار، وقدرتها على المنافسة العالمية وتلبية الطلب المحلي، وبما يحد من الواردات، ويعزز الصادرات السعودية، ويسهم في بناء قطاع خاص حيوي ومزدهر، وزيادة مرونة الاقتصاد السعودي.
صناعة الطيران من الصناعات التي اهتمت بها الرؤية، جنبًا إلى جنب مع قطاع السياحة. فهي من أهم مقومات السياحة، وتنويع مصادر الاقتصاد، وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، إضافة إلى دعمه منظومة الاستثمار، وتحفيز التدفقات الاستثمارية، وتوفير خدمات عالية الجودة للمستثمرين من دول العالم، وهو ما تؤكده الأرقام الأولية المتوقع تحقيقها من خلال قطاع صناعة الطيران ومطارات المستقبل الذي سيرفد الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بما يقرب من 75 مليار ريال ويستحداث أكثر من 200 ألف فرصة عمل. قطاع الطيران حظي بإطلاق ناقل جوي جديد، حيث تم الإعلان عن تأسيس صندوق الاستثمارات العامة لشركة «طيران الرياض»، كناقل جوي وطني جديد، سيسهم في تطوير قطاع الطيران السعودي ودخوله مرحلة جديدة من النمو والتوسع والتنافسية، وسيفتح الباب أمام رفع كفاءة وكفاية قطاع النقل الجوي وتعزيز موقع المملكة الإستراتيجي، وسيعزز القدرة التنافسية للشركات الوطنية وفق مستهدفات رؤية السعودية 2030، وسيعالج التحديات الكبرى التي يعاني منها قطاع النقل الجوي في الوقت الحالي.
يستهدف «طيران الرياض» الريادة العالمية في قطاع الطيران، من خلال امتلاك أسطول طائرات متطور، مواكب للعصر، يتميز بالتقنيات الحديثة، وأفضل معايير السلامة والاستدامة العالمية، واستخدام الذكاء الاصطناعي ومحاكاة المستقبل، إضافة إلى تحقيق المعايير البيئية الصارمة.
استكمال منظومة قطاع الطيران، والخدمات اللوجستية من أهداف صندوق الاستثمارات العامة الذي بات يركز على تحقيق التكامل والمواءمة بين استثماراته المحلية، لتحقيق العوائد المجزية، والتنمية الاقتصادية المتوافقة مع أهداف رؤية 2030. يظهر ذلك في تزامن إطلاق «طيران الرياض» ومطار الملك سلمان الدولي وبما يحقق مستهدفات الرؤية التنموية الاقتصادية من جهة، والاستدامة المالية لمنظومة قطاع الطيران، وتعزيز تنافسيتها العالمية من جهة أخرى.
تحول الرياض إلى بوابة للوجهات العالمية سيزيد من مكانتها العالمية، وسيعزز إمكانية تحقيق إستراتيجية تطويرها، ونمو اقتصادها وتنوعه، وقدرتها على جذب الاستثمارات، وتمكينها لتكون ضمن أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم.
وخلال العام أيضاً، شهد قطاع الرياضة تحولاً نوعياً ودعماً حكومياً غير مسبوق، بإطلاق إستراتيجية جديدة لإعادة هيكلة القطاع الرياضي، وبنائه على أسس من الاحترافية الشاملة وإطلاق مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية.
مرحلة مهمة من مراحل تطوير القطاع الرياضي أطلقها سمو ولي العهد، تهدف لتحويل الرياضة إلى صناعة مكتملة الأركان، وتعزيز اقتصادياتها وتنمية إيراداتها وتحفيز الاستثمار فيها، وهي مرحلة تحتاج إلى الدعم والمشاركة من المجتمع بجميع شرائحه وتخصصاته، والمجتمع الرياضي، والقائمين على برامجها، وفق رؤية إحترافية محايدة، ومحققة لمصالح الوطن العليا.
تحويل الأندية إلى شركات، ودخول صندوق الاستثمارات العامة والشركات الكبرى كلاعب رئيس في القطاع الرياضي يعكس أهمية المشروع لتطوير أداء الأندية وتعزيز احترافيتها ومواردها وحوكمتها وتنافسيتها العالمية. تنمية الاقتصاد الرياضي، وجعل الدوري السعودي أحد أبرز عشر منافسات كرة قدم في العالم، هو جزء لا يتجزأ من أهداف رؤية 2030 ومشروع القيادة النهضوي.
ومن المنجزات أيضًا، النتائج الإيجابية لمعدل البطالة حيث أعلنت الهيئة العامة للإحصاء عن انخفاض معدل البطالة بين السعوديين إلى 8 في المائة، وهو الأدنى منذ العام 1999م، وقريبًا جدًا من مُستهدف البطالة الذي حددته رؤية المملكة 2030 بـ 7 في المائة.
تطور لافت يعكس الجهود الحكومية المكثفة لمعالجة ملف البطالة، والدور الفاعل لرؤية 2030 التي ساهمت في تحقيق قفزات نوعية في سوق العمل وفق أهداف إستراتيجية، وبرامج طويلة المدى. إعادة هيكلة سوق العمل، وإصلاحه، وإطلاق برامج نوعية للتوطين، إضافة إلى تطوير البيئة التشريعية التي ساهمت بشكل فاعل في فتح سوق العمل للإناث، ورفعت نسبة مشاركة المرأة إلى 37 في المائة، ما يعني تجاوز المستهدفات الأولية لرؤية 2030.
ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، إضافة إلى برامج التمكين الواسعة التي نجحت الحكومة في إقرارها، ساهمت في تحسين مركز المملكة في تقرير البنك الدولي عن المرأة والأعمال والقانون، للعام 2022، حيث قفزت 10 مراتب دفعة واحدة، مقارنة بعام 2020. التدريب التقني والمهني للقوى العاملة الشابة كان له دور مهم في التوطين، وبالتالي تحسين معدل البطالة. يؤكد ذلك تصنيف المملكة في مؤشر UNDP للتدريب، حيث أحتلت المرتبة التاسعة عالمياً في 2021م.
لا يمكن فصل معدل البطالة عن متغيرات الاقتصاد، والإصلاحات المهمة التي أحدثت تحولاً نوعيًا خلال السنوات الماضية. فخلق الوظائف مرتبط بتطور الاقتصاد وتنوعه، وقدرته على النمو والتوسع الأفقي. وكنتيجة مباشرة للإصلاحات الاقتصادية، نجح الاقتصاد السعودي في تحقيق أعلى نمو بين دول مجموعة العشرين، وبنسبة 8.7 %، وهو الأعلى بين دول مجموعة العشرين. دعم القيادة للقطاع الخاص، وضخ مشروعات كبرى في الاقتصاد، وتحفيز القطاعات الواعدة ساهم أيضاً في تمكين السعوديين والسعوديات، وخلق مزيد من الوظائف النوعية. تمكن القطاع الخاص من رفع حجم مشاركة السعوديين بما يقرب من 2.2 مليون سعودي العام الماضي، وهو أعلى رقم تم تسجيله في تاريخ المملكة.
كما سجلت الميزانية العامة لأول فائض لها منذ 9 سنوات، بمبلغ 103.9 مليار ريال، أي ما يعادل 2.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني تحقيق مستهدفات برنامج التوازن المالي قبل موعده، كما نجحت في احتواء معدل التضخم عند 3.2 في المائة، وهي الأقل عالميًا.
أسهمت إجراءات الحكومة الاستباقية لحماية الاقتصاد من التضخم، ومن تلك الإجراءات وضع سقف أعلى للبنزين، وضمان وفرة السلع والمنتجات، وتعزيز المخزون الإستراتيجي بأسعار تنافسية وتوفير الدعم المناسب لها وبما يسهم بالحد من تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية.
تحفيز القطاعات الاقتصادية الواعدة من الجهود المباركة التي نفذتها الحكومة، وحققت من خلالها إنجازات مهمة، تؤكد نجاعة الإصلاحات والبرا مج الاقتصادية. قطاع السياحة من أهم القطاعات الواعدة التي شهدت تحولاً كبيرًا وتطويرًا نوعيًا أثمر في تحقيق المملكة فائضًا كبيرًا في ميزان المدفوعات لبند السفر في الربع الأول من 2023، حيث بلغ الفائض 22.8 مليار ريال، مقابل عجز قدره 1.6 مليار ريال في الربع الأول من العام السابق، وتحقق هذا الفائض نتيجة للنمو الكبير لإيرادات السياحة الوافدة بحوالي 225 % لتصل إلى حوالي 37 مليار ريال سعودي بحسب بيانات البنك المركزي السعودي. إنجاز مهم يعكس حجم الجهود الحكومية المبذولة لتعزيز القطاع السياحي، ومساهمته في نمو الاقتصاد الوطني.
وخلال الأيام الماضية أطلق سمو ولي العهد المخطط العام للمراكز اللوجستية في المملكة، وفق مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، والذي يهدف إلى تطوير البنية التحتية للقطاع اللوجستي وتنويع الاقتصاد المحلي، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة ومركز لوجستي عالمي.
ضم المخطط العام للمراكز اللوجستية 59 مركزاً بإجمالي مساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع، تتضمن 12 مركزاً لوجستياً لمنطقة الرياض، و12 مركزاً لوجستياً لمنطقة مكة المكرمة، و17 مركزاً لوجستياً للمنطقة الشرقية، و18 مركزاً لوجستياً في بقية مناطق المملكة. عدد كبير من المراكز اللوجستية المزمع تنفيذها، وتنوع جغرافي مهم في توزيعها على مناطق المملكة وفق الحاجة والمقومات التنافسية المتاحة، ما يعزز التنمية المتوازنة بين المناطق والمحافظات، وخلق قطاع اقتصادي حيوي يسهم في تعزيز اقتصاديات المناطق وتوليد مزيد من الفرص الوظيفية والاستثمارية.
دعم منظومة النقل والخدمات اللوجستية بالمراكز اللوجستية الجديدة، سينعكس إيجابا على تطوير البنى التحتية وتحفيز المستثمرين، وربط المملكة بالأسواق العالمية وخطوط النقل الدولية، إضافة إلى انعكاساتها على الصناعات المحلية وتعزيز الصادرات.
قطاع الخدمات اللوجستية من القطاعات الواعدة في المملكة، ومن مستهدفات برامج رؤية المملكة 2030، التي ركزت على رفع مساهمة قطاع الخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي، ورفع كفاءة الموانئ والمطارات وشبكات النقل.
إنجازات مهمة، باتت تتحقق مع كل احتفائية لليوم الوطني، وفي جميع القطاعات الاقتصادية، لتكون شاهدة على التطور والتحول الكبير الذي حدث في المملكة خلال فترة زمنية قصيرة. قطار التنمية مستمر في رحلته المباركة، يتوقف في محطة اليوم الوطني، ثم يمضي لتحقيق مزيد من الإنجازات، ومستهدفات الرؤية، وصناعة المستقبل.