د. خالد بن فهد الغنيم
تحمل الأيام الوطنية لكل دولة الكثير من الأهمية، فهي تعكس قوة وترابط الشعب وتفاعله في تحقيق أحلامه وتحقيق تطلعاته. في المملكة العربية السعودية، اليوم الوطني هو يوم مميز ينتظره جميع السعوديين، حيث يتجلى الوفاء والتضحية والروح الوطنية العالية في هذا اليوم.
اليوم الوطني هو وقت الاحتفال والتأمل والتشجيع لكل مواطن سعودي. ويصادف ذكرى توحيد المملكة تحت القيادة الحكيمة للملك عبد العزيز آل سعود. في هذا اليوم المهم، نجتمع معًا كأمة لتكريم ماضينا والاحتفال بإنجازاتنا والتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا. إن شعار اليوم الوطني لهذا العام، «نحلم ونحقق»، له صدى عميق، ويلهمنا للسعي لتحقيق العظمة واحتضان الإمكانيات اللامحدودة التي تنتظرنا.
الحلم هو الخطوة الأولى نحو تحقيق العظمة. فهو يسمح لنا بتصور مستقبل يتجاوز واقعنا الحالي، وتخيل ما يمكن تحقيقه بالعمل الجاد والتفاني والإصرار. أحلامنا تحمل قوة هائلة. إنهم يشعلون عواطفنا، ويدفعوننا إلى وضع أهداف طموحة، ويلهموننا لاتخاذ الإجراءات اللازمة. اليوم الوطني السعودي هو المناسبة المثالية لنا لتشجيع بعضنا البعض على تحقيق أحلام كبيرة، وتخيل مستقبل تزدهر فيه مملكتنا الحبيبية في جميع الجوانب.
تحقق المملكة شوطًا طويلًا من التقدم والازدهار في جميع المجالات، بدءًا من التعليم والرعاية الصحية وصولًا إلى البنية التحتية والاقتصاد. نحن نشهد اليوم تفاعلًا قويًّا بين القادة والشعب لتحقيق رؤية السعودية، والتي تهدف إلى تحقيق تحول اقتصادي واجتماعي وبيئي يواكب التحديات الحديثة ويرتقي بمستقبل المملكة.
لقد قطعت المملكة شوطًا طويلًا منذ توحيدها. لقد كانت الرحلة مليئة بالتحديات، ولكن تصميمنا الذي لا يتزعزع دفعنا إلى الأمام. فمن التطور السريع لبنيتنا التحتية إلى النهوض بنظامنا التعليمي، ومن تنويع اقتصادنا إلى تمكين المرأة، خطت المملكة خطوات مذهلة في فترة قصيرة من الزمن. ولكن لا ينبغي لنا أن نصبح راضين عن أنفسنا، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، وما الرؤية إلا دليل على ذلك. وفي هذا اليوم الوطني، يجب علينا أن ننظر إلى إنجازاتنا وندعها تغذي أحلامنا بمستقبل أكثر إشراقًا وذلك من ثقتنا برؤيتنا وقيادتنا التي جعلت الحلم حقيقة.
إن تحقيق أحلامنا يتطلب أكثر من مجرد تصورها؛ فهو يدعو إلى العمل والمثابرة والمرونة. كأفراد وكأمة، يجب علينا أن نلتزم بكل إخلاص بالسعي لتحقيق هذه الأحلام. وعلينا أن نقف متحدين وندعم قيادتنا ونشجع بعضنا البعض على طول الطريق. يوفر لنا اليوم الوطني منصة للاحتفال بإنجازات مملكتنا وقيادتنا، وتكريم عملهم الجاد وتفانيهم، وإلهامهم لنا للسير على خطاهم. كمجموعة، يمكننا أن نحقق أكثر بكثير مما نستطيع كأفراد، ومعًا حكومة وشعبًا، لا يوجد حلم لا يمكننا تحقيقه.
ينبغي أن يكون اليوم الوطني السعودي بمثابة تذكير بالإمكانات الهائلة التي تكمن داخل أمتنا الجميلة. إنها دعوة للعمل، ودافع لتحقيق أحلام كبيرة، وتذكير بأنه مع العمل الجاد والتصميم والمثابرة، كل شيء ممكن. فلنغتنم هذه الفرصة للتفكير في أحلامنا من أجل غد أفضل، ولنعمل بلا كلل من أجل تحقيقها. في الأوقات الصعبة، دعونا نتذكر المرونة التي تميزنا كسعوديين والقوة التي تكمن في روحنا الجماعية.
بينما نحتفل باليوم الوطني السعودي، دعونا نفعل ذلك بالأمل والامتنان والشعور المتجدد بالهدف. دعونا نكرم إنجازات الماضي، ونحتفل بإنجازات الحاضر، ونستلهم أحلام المستقبل. معًا، يمكننا بناء أمة تفوق كل التوقعات، أمة تزدهر في كل جانب، وأمة تستمر في تشكيل العالم لأجيال قادمة. نحلم كثيرًا، ونثق بقيادتنا، ونعمل جنبًا إلى جنب نحو غد أكثر إشراقًا.
نحن شعبٌ واعٍ لأهمية الحلم والطموح في بناء وتطوير وطننا الحبيب. فالحلم هو ما يجعلنا ننظر إلى المستقبل بتفاؤل وثقة، ويدفعنا للعمل الجاد والمثابرة لتحقيق أهدافنا ورؤيتنا المستقبلية. من خلال الحلم، نتمكن من تجاوز الصعاب والتحديات وتحويلها إلى فرص تنموية تعزز نمو وتطور وطننا.
إننا كسعوديين نحلم بوطن متقدم يحتل مركزًا رياديًّا عالميًّا في مختلف المجالات، سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا. وعلى ضوء هذه الأحلام، هل فعلًا نحن نحلم ونحقق؟
يتجلى هذا السؤال في عدة جوانب، حيث ظهر الكثير من التشكيك بشأن قدرة المملكة على الاستغلال الأمثل لمقوماتها الطبيعية والبشرية من أعداء الوطن. ومع ذلك، فإن هناك الكثير من الإنجازات التي تم تحقيقها في السنوات الأخيرة، وهو ما يوحي بأن هذا المجتمع ليس فقط يحلم ولكنه يحقق أيضًا. للإجابة على هذا السؤال بشكل قاطع وصول المملكة لأول مرة الى المركز التاسع عشر من أصل مائة وإحدى وعشرين دولة في القوة الناعمة حسب تقرير براند فاينانس.
وفقًا لتقرير براند فاينانس عن القوة الناعمة لعام 2023، أظهرت المملكة تقدمًا عظيمًا في الترتيب العام متخطية دولًا عالمية، حيث تقدمت من المرتبة الرابعة والعشرين في عام 2022 إلى المرتبة التاسعة عشرة في عام 2023 متقدمة على تركيا وفنلندا وسنغافورة وبلجيكا. يُعتبر هذا تطورًا ملحوظًا جدًّا للمملكة، فهو يشير إلى تعزيز قوتها الناعمة وزيادة تأثيرها على المستوى العالمي.
وتُعرف القوة الناعمة بأنها القدرة على تأثير في الآخرين وتحقيق الأهداف من خلال الجذب والإقناع، بدلًا من الضغط والتهديد. تعبر القوة الناعمة عن القيم والثقافة والمبادئ الذي يتبعها الدولة أو المجتمع، وتشمل عدة جوانب مثل الثقافة والفن واللغة والتاريخ والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والاقتصاد والديمقراطية وحقوق الإنسان والتأثير العالمي. وإذا نجحت دولة في تعزيز قوتها الناعمة، فإنها قادرة على تعزيز مكانتها وتأثيرها في العالم، وبالتالي تحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة.
وفقًا ما ورد في تقرير براند فاينانس للقوة الناعمة لعام 2023، حققت المملكة ارتفاعات كبيرة في مختلف المؤشرات من خلال حصولها على 5.8 / 10في العلاقات الدولية، 6.3 / 10في الألفة والشهرة، 6.2 /10 في السمعة، 5.4 / 10 في التأثير، 5.7/ 10في التجارة والأعمال، 4.4 /10 في الحوكمة، 5.1/10 في الاستدامة.
إن الدرجة العالية في مؤشر العلاقات الدولية 5.8من10 تعني أن المملكة قد نجحت في إقامة علاقات إيجابية مع الدول الأخرى والحفاظ عليها. ويمكن أن يعزى ذلك إلى الجهود الدبلوماسية التي تبذلها البلاد والمبادرات التعاونية وبرامج التبادل الثقافي. تسمح العلاقات الدولية القوية للمملكة بممارسة التأثير على القرارات العالمية والمساهمة في السلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم. علاوة على ذلك، قد تجذب هذه الدرجة العالية الاستثمار الأجنبي وتعزز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الشراكات التجارية والتعاون الدولي.
أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في تحسين العلاقات الدولية للمملكة هو استثمارها في المبادرات الثقافية وتعزيز تراثها الغني. خطت المملكة خطوات كبيرة في عرض تنوعها الثقافي وتقاليدها ومعالمها التاريخية للعالم. ومن خلال تسليط الضوء على فنونها وموسيقاها وآدابها النابضة بالحياة، أصبحت المملكة مركزًا للتبادل الثقافي والحوار. وقد عزز هذا التقدم روابط أقوى بين المملكة والدول الأخرى، مما عزز التفاهم والتعاون المتبادل.
ولعب التزام المملكة بالدبلوماسية دورًا حيويًّا في تحسين علاقاتها الدولية. اتبعت المملكة سياسة المشاركة والحوار البناءين، سعيًا إلى إيجاد حلول سلمية للصراعات الإقليمية. وقد أدت مشاركتها النشطة في المنتديات العالمية والمبادرات الدبلوماسية إلى تعزيز سمعتها كجهة فاعلة موثوقة ومسؤولة على الساحة الدولية. كما كانت الجهود الدبلوماسية فعالة في تعزيز علاقاتها مع القوى الإقليمية والعالمية الأخرى.
إن الدرجة العالية في مؤشر الألفة والشهرة 6.3 من10 تشير إلى أن المملكة تحظى بالاعتراف والإعجاب بشكل متزايد على نطاق عالمي. ويمكن أن يعزى ذلك إلى جهود المملكة في تعزيز تاريخها وثقافتها وتراثها الغني. ومن خلال تسليط الضوء على مناطق الجذب الفريدة مثل المواقع التاريخية والفنون والممارسات التقليدية، تمكنت المملكة من جذب انتباه المجتمع الدولي. هذه الشهرة لا تعزز السياحة وتعزز الاقتصاد فحسب، بل تعزز أيضًا القوة الناعمة للبلاد من خلال خلق تصور إيجابي بين الدول الأخرى.
لقد قامت المملكة بمجموعة واسعة من الإجراءات والمبادرات التي أدت إلى تحسين الشهرة والألفة للمملكة بين الشعوب. واحدة من هذه المبادرات هي رؤية المملكة 2030 التي أعلنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. تهدف هذه الرؤية إلى التحول من اعتماد المملكة على النفط والغاز إلى اقتصاد متنوع ومستدام. تشمل هذه الرؤية العديد من الإصلاحات في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والثقافة والمجتمع، وتهدف إلى تعزيز دور المملكة كقوة إقليمية وعالمية.
إلى جانب رؤية المملكة 2030، قامت المملكة أيضًا بمبادرة تحسين حقوق المرأة وتمكينها في المجتمع السعودي. وتم اتخاذ عدة إجراءات تهدف إلى تعزيز دور المرأة في مجالات مختلفة، بما في ذلك القيادة والثقافة والرياضة. تم إلغاء العديد من القيود التي كانت مفروضة على المرأة في المملكة، مما أتاح لهن الفرصة للمشاركة والمساهمة بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وكذلك تم إطلاق العديد من المشاريع الكبرى في المملكة التي تهدف إلى تعزيز المكانة الثقافية والسياحية للبلاد. من بين هذه المشاريع، مشروع «قدية» الذي يُعتبر أحد أكبر المشروعات السياحية في العالم. ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء مدينة ترفيهية سياحية ضخمة، والتي ستضم فنادق فاخرة ومنتجعات ومناطق ترفيهية ومعالم سياحية بارزة. ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع في زيادة عدد السياح الذين يزورون المملكة وتعزيز السياحة كمصدر من مصادر الرئيسية للدخل الوطني.
حققت المملكة تحسنًا عظيمًا في مؤشر السمعة، حيث بلغت نتيجتها 6.2 من أصل 10. وتعتبر هذه الزيادة في السمعة إشارة إلى الجهود الهائلة التي بذلتها الحكومة لتعزيز مكانتها الدولية والعبور إلى عصر جديد من التنمية والتطور. وأيضًا تشير إلى أن المجتمع الدولي ينظر إلى المملكة بشكل إيجابي. وهذا التصور الإيجابي أمر بالغ الأهمية في تشكيل صورة البلاد وتعزيز نفوذها العالمي. وتسمح السمعة القوية للمملكة بنقل قيمها وسياساتها ومبادراتها بشكل فعال إلى المسرح العالمي. كما أنها تساعد في بناء الثقة والمصداقية بين الدول الأخرى، وبالتالي تسهيل الحوار الدبلوماسي والتعاون في مختلف القضايا.
وتعتبر السمعة مكونًا هامًّا من مكونات القوة الناعمة للمملكة. فالسمعة هي الانطباع العام والمعرفة الشائعة عن المملكة ومؤسساتها وثقافتها وشعبها. فإن تحسين مؤشر السمعة يعكس الجهود الرامية لتوسيع الوعي وتحسين صورتها في العالم. وتُظهر التطورات الكبيرة في مؤشر السمعة للمملكة عدة عوامل مهمة. لقد تم تنفيذ سلسلة من الإصلاحات والتغييرات الجوهرية في السنوات الأخيرة في البلاد.
من أبرز الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها في المملكة هو رؤية المملكة 2030. اتخاذ إجراءات جذرية لتعزيز البنية التحتية، وتطوير القطاع الخاص، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة. وتهدف هذه الإصلاحات إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي في المملكة، وبالتالي تعزيز صورتها وسمعتها الدولية.
بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية، قامت المملكة بتطبيق إصلاحات سياسية جذرية تهدف إلى تحسين الحوكمة وزيادة الشفافية. تم إجراء تغييرات هامة في نظام القضاء والخدمة المدنية والقطاع العام بشكل عام. هذه الإصلاحات تسعى إلى تعزيز الاستقرار والثقة في النظام السياسي وجعل المملكة وجهة مفضلة للاستثمار والتجارة.
تتخذ المملكة أيضًا تدابير لتعزيز الثقافة والتراث. يتم الاستثمار في إنشاء وتطوير المتاحف والمنشآت الثقافية والترويج للفعاليات الثقافية والفنية. تهدف هذه الجهود إلى تعزيز الفهم والتبادل الثقافي بين المملكة وبقية العالم.
إن الدرجة العالية في مؤشر التأثير 5.4 من 10 تظهر قدرة المملكة على تشكيل الآراء والسياسات والقرارات خارج حدودها. ويمكن أن يعزى هذا التأثير إلى القوة الاقتصادية للبلاد، والقيادة الإقليمية والعربية والإسلامية، والمشاركة النشطة في المنظمات الدولية. إن نفوذ المملكة القوي يمكّنها من لعب دور مهم في الشؤون العالمية، والمساهمة في حل الصراعات، وتعزيز مصالحها بشكل فعال.
واحدة من الجوانب الرئيسية التي تساعد على زيادة التأثير هي تطوير الثقافة والفنون، ويمكن أن تلعب المملكة في هذا الصدد دورًا حيويًّا. على مدى السنوات القليلة الماضية، قامت المملكة بجهود جادة لتعزيز النشاط الثقافي والفني، عبر دعم المهرجانات والمعارض والفعاليات الثقافية المحلية والعالمية. كما شهدت البلاد فتحًا للثقافة العالمية، حيث تم إقامة العديد من المعارض الفنية الهامة واستضافة العروض المسرحية العالمية.
أحد أبرز عناصر قوة التأثير للمملكة هو التأثير الديني والثقافي. المملكة هي بلاد الحرمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة. يقصدها الملايين من المسلمين كل عام لأداء شعائر الحج والعمرة. تستخدم المملكة هذا الدور الديني والثقافي الكبير لتعزيز وتعميق فهم الإسلام الوسطي والاعتدال في جميع أنحاء العالم، وتعتبر المملكة منبر الإسلام واستدامتها جزءًا أساسيًّا من وجودها العربي والإسلامي.
وبالاعتماد على توجيهات القيادة الحكيمة تم إعطاء الأولوية لتعزيز العمل الإنساني والخيري، فقد قامت المملكة بتنفيذ عدة مبادرات للتنمية الاجتماعية والإنسانية في جميع أنحاء العالم. تعتبر مبادرة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أحد أهم هذه المبادرات، حيث تهدف إلى تقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين من الكوارث والنازحين في أكثر من 50 دولة حول العالم. تعد هذه المبادرات الإنسانية السخية عاملًا مهمًّا في تعزيز قوة التأثير للمملكة.
حققت المملكة تحسنًا كبيرًا في مؤشر التجارة والأعمال، حيث بلغت نسبة التحسين 5.7 من 10. هذا التحسن يعكس التطور الاقتصادي الهائل الذي تشهده المملكة في السنوات الأخيرة والجهود المستمرة لتعزيز القطاع التجاري والأعمال داخل البلاد.
يعد قطاع التجارة والأعمال أحد القطاعات الحيوية في اقتصاد أي دولة، وهو القطاع الذي يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. واستشعار المملكة لأهمية هذا القطاع دفعها إلى توجيه جهود كبيرة نحو تطويره وتعزيزه.
أحد التحسينات التي أسهمت في تحسين مؤشر التجارة والأعمال للمملكة هي تنويع قاعدة اقتصادها المعتمدة على النفط. فقد عملت السعودية على تطوير العديد من القطاعات الأخرى مثل السياحة والترفيه والتكنولوجيا والصناعة والزراعة. وقد أثمرت هذه الجهود بشكل كبير، حيث ازدادت التجارة والأعمال في هذه القطاعات وتحسن الأداء الاقتصادي للمملكة.
من بين الإجراءات التي اتخذتها المملكة لتعزيز مؤشر التجارة والأعمال هو التسهيلات الاستثمارية والتجارية التي قدمتها للمستثمرين المحليين والأجانب. فقد تم تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل الروتين البيروقراطي، مما ساهم في جعل البلاد مقصدًا مشجعًا للاستثمار الأجنبي وتنمية الأعمال. كما تم تطوير بنية التكنولوجيا والمرافق اللوجستية في البلاد، وهو ما ساهم في رفع مستوى الكفاءة وتحسين الأداء في قطاع التجارة والأعمال.
وقامت المملكة أيضًا بتحسين بيئة الأعمال من خلال إصلاحات قانونية وتنظيمية. فقد تم إقرار عدد من القوانين واللوائح التي تحمي حقوق المستثمرين وتشجع على المنافسة العادلة وتنظم السوق. وقد كان لهذه الإجراءات تأثير كبير في جذب المستثمرين وتعزيز الأعمال في المملكة.
وأيضًا المملكة قد استثمرت بقوة في تطوير بنية التجارة والأعمال التكنولوجية والرقمية. وقد قامت ببناء مدن ذكية ومناطق صناعية حديثة مجهزة بأحدث التقنيات والبنية التحتية المتطورة، مما ساهم في تعزيز القدرة التنافسية للشركات وتحسين فرص الأعمال داخل المملكة.
إن ارتفاع قيمة العلامات التجارية الوطنية من770 مليار دولار في عام 2022 الى 941 مليار دولار في عام 2023 لهو دلالة مباشرة على تحسين مؤشر التجارة والأعمال للمملكة، ويظهر التطور الهائل الذي تشهده المملكة في القطاعات الاقتصادية المختلفة والجهود المستمرة لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات. ومن المتوقع أن يستمر هذا التحسين في السنوات المقبلة، مما يعزز دور المملكة كمركز اقتصادي رائد في المنطقة ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الازدهار الاقتصادي.
قطعت المملكة شوطًا كبيرًا في مؤشر الاستدامة، حيث بلغت نسبة التحسين 5.1 من 10، يُعتبر هذا التقدم إشارة مُبشِّرة للقطاعات الحكومية والقطاع الخاص على حد سواء، فهو يعكس التزام المملكة بتجويد الاستدامة في نِظَمِها وممارساتها. فقد تمكنت المملكة من إبراز تقدمها في عدة مجالات تعزز الاستدامة. ومنها تنويع مصادر الطاقة وفقًا لرؤيها، حيث تهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني. كما تُعَدُّ المملكة من الدول الرائدة في تطبيق تقنيات الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر، وتعتبر مشاريعها في هذا المجال من أكبر المشاريع في العالَم. تلك الاستثمارات في مجال الطاقة المستدامة لها أثر إيجابي على الاقتصاد والبيئة، حيث تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحسن جودة الهواء. كذلك تولي المملكة اهتمامًا كبيرًا للمحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي. فقد وضعت العديد من السياسات والتشريعات التي تهدف إلى حماية الطبيعة والمحميات الطبيعية والمواقع الأثرية والتاريخية. وعلاوة على ذلك، تعتبر المملكة من الدول الرائدة في التصدي للتغير المناخي، وقد التزمت بتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز الاستدامة البيئية في مختلف القطاعات.
كذلك قطعت المملكة شوطًا كبيرًا في مؤشر الحوكمة، حيث بلغت نسبة التحسن 4.4 من 10،
إن تحسن نسبة الحوكمة يعكس الالتزام الجاد من قبل المملكة في تعزيز الإصلاحات وتحقيق التحسين المستدام في النظام الحكومي. كما يعكس أيضًا استراتيجية المملكة الشمولية في التعامل مع التحديات المتعلقة بالحوكمة. ولا يمكن تحقيق التقدم في مؤشر الحوكمة دون توفير النظام والشفافية في جميع القطاعات الحكومية. وقد قامت المملكة بالعديد من الإصلاحات والتحسينات في السنوات الأخيرة، مثل تطوير الإدارة العامة، وتعزيز الرقابة المالية، وتحسين القوانين والتشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد. كما تفانت المملكة في تعزيز شفافية المعاملات الحكومية وتوفير البيانات العامة للمواطنين، فضلًا عن تحقيق التحسين في حقوق الإنسان. وأيضاً يثبت التزامها بتحقيق التطلعات الوطنية وتعزيز الاستقرار والازدهار. فالحوكمة الجيدة مفتاح نجاح أي دولة، وتعكس قدرتها على توفير بيئة ملائمة للاستثمار والتنمية. وتعزز المملكة الآن مكانتها على الساحة الدولية كدولة قوية في الحوكمة، وذلك يمثل إشارة إيجابية تجاه الاستقبال الإقليمي والدولي للتداعيات الإيجابية لهذا التحسين.
إن ارتفاع التصنيف العام يدل على تزايد أهمية المملكة والاعتراف بها على الساحة الدولية. والتقدم الذي أحرزته البلاد في مختلف جوانب القوة الناعمة يمكن أن يعزى إلى جهود الحكومة في تنويع اقتصادها وتعزيز التراث الثقافي والاستثمار في التعليم وتنفيذ الإصلاحات الاجتماعية. ويعزز أيضًا مصداقية المملكة وظهورها وقدرتها على تحقيق احلامها، مما يمكنها من أن يكون لها دور أكبر في عمليات صنع القرار العالمية.
يظهر لنا مما سبق أن الإجابة على سؤال «هل نحن نحلم ونحقق؟» هي نعم بالفعل. فالمملكة تسير بخطى ثابتة في اتجاه تحقيق أحلامها وتطلعاتها. تضاف إلى ذلك التطورات الكبيرة التي شهدها البلد في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي تمثل جهودًا كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عادلة ومتساوية لكل فرد في المجتمع. وبناءً على هذا، يمكننا القول بإلحاح إن السعودية ليست فقط تحلم، بل تحقق أيضًا.