فهد عبدالعزيز الكليب
يمر علينا اليوم الوطني في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر في كل عام إحياءً لذكرى توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه. ويمثل هذا اليوم مناسبةً وطنيةً يتذكر فيها كل سعودي ملاحم التوحيد التي أدت إلى تأسيس المملكة وتوحيد أجزائها والتي أصبحت اليوم تملك كل مقومات وركائز القوة وتزداد -بحمد الله ومنته- قوةً وصلابةً وعمقاً إسلامياً وعربياً ودولياً حتى أصبحت اليوم محط أنظار العالم قاطبة لما تملكه من مقومات القوة المادية والمعنوية، التي جعلتها من أهم اقتصاديات العالم، وقد امتلكت قيادات متعاقبة تملك كل معطيات الحكم الرشيد منذ عهد الملك عبد العزيز البطل القيادي الفذ الذي من الصعب تكرار تجربته في التاريخ المعاصر والحديث لأنه وضع النواة الأولى لمشروع دولة كون من خلالها نسيج الوحدة الوطنية التي جعلت من بلادنا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، في كل ذرة من أرضها دولة وإقليماً واحداً، وقبيلة واحدة مجتمعة تحت راية التوحيد الخالدة، إنها روح القيادة، ومهارة التفكير واستلهام وفهم حقيقة الملك والحكم القائم على مكونات أساسية راسخة الجذور تمثل مشروع بناء دولة تسابق الزمن في كل مجالات ومناحي التفوق والتميز، والحكمة والحنكة، حتى غدا كل سعودي يحمل هوية هذا الوطن واعياً لدوره ومسؤوليته معتزًا بدينة، وملكه ووطنه، وتاريخه، وثقافته، وبات يفخر بانتمائه لهذا الوطن العظيم، ومن يعرف تاريخ التأسيس الأول في 1139هـ (1727م) بالدولة السعودية الأولى ثم الثانية، وحتى دولتنا الثالثة التي بدأت فكرة نهوضها بفتح الرياض عام 1319هـ (1902م)، وخلال 30 سنة من جهاد الملك المؤسس الذي وحَّد كل هذا الوطن تم صدور الأمر الملكي ذي الرقم (2716) وتاريخ 1351/5/17 ليعلن من قصر الملك المؤسس- رحمه الله- بالمربع قيام هذا الوطن وتغيير اسمه من مملكة الحجاز وسلطنة نجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية استجابة للبرقيات التي انهالت من كل أبناء البلاد والتي استجاب لها الملك المؤسس ليشمل الاسم الجديد ويعبر عن قيام دولة حضارية تحت مسمى المملكة العربية السعودية. وفي هذا اليوم من كل عام يجب أن يعلم الآباء الأبناء والأحفاد عن قصة هذا الكفاح، وقصة هذه الوحدة، وأن يعلموهم كيف يحافظ كل مواطن وبوعي مسؤول ومتفتح على هذا الإرث العظيم الذي تركه لنا عبد العزيز، وأن تكونهذه ثقافة متوارثة تحكي قصة جمع شتات وتوحيد بلادنا المملكة العربية السعودية، وإن يتعرف كل مواطن على تاريخها المجيد الذي تجشم فيها الملك المؤسس ورجاله الكرام كل الصعاب لتحقيق هذه الوحدة العظيمة، لتكوين بلد ينعم بالأمن والاستقرار والبناء والتوحيد والتنمية، ويسجل عهودًا لأبناء الملك المؤسس ممن تولوا المُلك- رحمهم الله- والذين تركوا لهم بصمة ووسمًا في المحافظة على هذا الكيان العظيم وهم الملوك: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبد الله - رحمهم الله جميعاً - ولا نزال ننعم -بحمد الله- بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- الذي يتنسم لواء الملك، وهو الشخصية الأولى في البيت السعودي الحاكم الذي شهد بالمعاصرة مراحل مشاهد البيعة السعودية لجميع ملوك المملكة العربية السعودية ومراحل بنائها ونمائها، كما أن ولي عهده الأمير محمد بن سلمان صاحب الرؤية الجديدة، يعمل ولا يزال لتصبح السعودية العظمى من أوائل دول العالم الحديث وفي المجالات كافة. وحق للمملكة العربية السعودية أن تكون في طليعة الدول وهي تملك كل مقومات القوة والمنعة وركائز ومقومات خاصة اختصها الله بأرضها وحباها بها، وهي أثمن من كل الثروات الطبيعية ومنها البترول، إذ إن على أرضها يقع الحرمان الشريفان، أطهر بقاع الأرض، وقبلة أكثر من مليار مسلم، وفيها مهبط الوحي ومنطلق الرسالة المحمدية والذي يعبر عن عمقنا العربي والإسلامي، كما أن بلادنا تمتلك اقتصادًا مزدهرًا وفرصًا مثمرة وقدرات استثمارية ضخمة، وهي محرك اقتصادي كبير له تأثيره في العالم، كما أن للمملكة موقعاً جغرافياً إستراتيجياً بصفتها مركز ربط للقارات الثلاث، ويحيط بها أكثر المعابر المائية أهمية، كما أن لبلادنا -ولله الحمد والمنة - وفرة من بدائل الطاقة المتجددة وفي باطن أرضها ثروات سخية من الذهب والفوسفات واليورانيوم، وأهم من هذا كله كما قال عراب الرؤية الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله-: «إن لأهم من هذا كله - أي الثروات- ثروتنا الأولى التي لا تعادلها ثروة وهم شعب بهمة جبل طويق، شعب طموح معظمه من الشباب، هم فخر بلادنا وضمان مستقبله بعون الله، ولا ننسى أنه بسواعد أبنائنا سنكمل البناء وسنفاجئ العالم بهذا الوطن».
رحم الله الملك المؤسس عبد العزيز وأبناءه الملوك وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وأعاد الله هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوبنا أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة وبلادنا تنعم بنعمة الأمن والاستقرار والرخاء.
وهي رسالة لتعي أجيالنا من الأبناء والأحفاد التجليات والمضامين الوطنية والتاريخية من وراء ذكرى اليوم الوطني المجيد وذلك دور مؤسساتنا التعليمية بكل مراحلها.