د. إبراهيم بن جلال فضلون
«نمتلك المشاريع الأكثر طموحًا في كل القطاعات، لذا نحن الأسرع في كل الصناعات على مستوى الكوكب»، بالفعل حتى على كبار الدول المُتقدمة، وغير الصناعة، فقد كنا عملياً نعاني من ماضينا وثقله الكبير، والآن أُتيحت لنا فُرص لم تُستغل، وها نحنُ الآن نستثمرها لنُحقق ما حلمنا به، وإيجاد اقتصاد مزدهر ومركزية للاستثمارات العالمية وشركاتها الكُبرى في بيئة آمنة بالسعودية والشرق الأوسط، لكونها عملياً وإحصائياً أسرع الدول نمواً في مجموعة العشرين، بعدما احتلت المرتبة الثانية في المجموعة عام 2022 نمواً من حيث الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وهو ما وضعها في منافسة جيدة مع الهند، وبالتالي تسعى لتصدُر المراتب السبع الأولى، وهو ما سيحدث- إن شاء الله- بفضل الرؤية وسياستها الحكيمة التي قلبت الأمور «رأساً على عقب»، بتغيرات في كافة مناشط الحياة الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، استطاع أن يُلهم بها ولي العهد عالمنا حتى الأعداء، ويربطه بزيارات تارةً بالغرب وتارةً بالشرق في عامٍ واحد حتى صار القاصي والداني يتمنى قائدًا مثله.
من أعظم المقولات التاريخية لسموه: «السعودية ليست صحراء لدينا الغابات والوديان والواحات وجزر استوائية وجزر جبلية وشعب مرجانية وثلوج»، وهذا انطباع ذهني حلمنا به وقد حان أن يتغير، ونُعيد صياغة كافة الأمور حتى علاقة الدين بالدولة، فالرياض ليست مُلزمة بمدرسة فقهية معينة او أشخاص بمن في ذلك محمد بن عبد الوهاب، وجعل المحور الفكري ومشروع الدولة مُنسجماً مع تحولات بدأتها رؤية 2030 مثل إلغاء نفوذ «هيئة الأمر بالمعروف» والتصالح مع الفن والسينما والترفيه بعد عقود من الرفض والتحريم، وهو ما أكده سموه في اللقاء الذي أجراه معه الزميل عبدالله المديفر الثلاثاء 27 أبريل، مُؤكداً أن «دستورنا كان القرآن وسيبقى كذلك، مثلما ينص على ذلك النظام الأساسي للحكم، ونحن كحكومة أو مجلس الشورى كمشرّع أو الملك كمرجع للسلطات الثلاث ملزمون بتطبيق القرآن بشكل أو آخر».
بعد قطيعة أربع سنوات مع التلفاز الأميركي، أطل علينا الحالم من مدينة نيوم عبر «فوكس نيوز»، تحت عنوان «عادلة متوازنة وغير خائفة»، وتحويل التحديات إلى فرص، تُحقق مستهدفات الرؤية الطموحة بشكل أسرع، قائلاً: «وتيرة تقدمنا لن تتوقف أو تهدأ ليوم واحد، فالشعب السعودي مُؤمن بالتغيير، وهم من يدفعون لذلك.. وأنا واحد منهم.» وبالتالي رؤيتنا القادمة 2040 سنُعلنها بعد خمس سنوات من الآن، دون أن يُملي على السعوديين أحد أية شروط أو ما يجب أن يفعلوه، فقط نُركّز على ما يخدم مصالحنا ومصالح الشرق الأوسط، فمثلاً هناك الاقتصاد غير النفطي كالسياحة جذبت 40 مليون سائح وتستهدفُ وصولها إلى 150 مليون زائر في 2030، والعمل على التوازن السوقي لمشتقات الطاقة والنفط، فقرارات خفض إنتاج النفط هدفها استقرار السوق وليس مساعدة روسيا في حربها، ويحكمها العرض والطلب.
إن الاستقرار والأمن الدولي لا يتأتى إلا بـ «الهّمّ الشاغل» القضية الفلسطينية، وقد تمنى سموه أن يرى للفلسطينيين حياة أفضل بحل الدولتين، وإعادة إسرائيل كعنصر في الشرق الأوسط، حال استطاعت الإدارة الأمريكية إحداث اتفاق تاريخي بين الرياض وتل أبيب، وحينها تبدأ العلاقة مع إسرائيل وهي لم تتوقف، لكونها مُفيدة للبلدين ولأمن المنطقة والعالم، الذي لا يمكن كذلك إلا بمنع السباق النووي، والعمل على توازن القوى في المنطقة حال حصول إيران على سلاح نووي فعلينا أن نحصل عليه وهو ليس في صالح العالم، قائلاً سموه: «العالم لا يريد أن يشهد هيروشيما أخرى؛ فالوصول إلى سلاح نووي جهد ضائع؛ لأنك لا تستطيع استخدامه، وإذا استخدمته ستخوض معركة كبرى مع العالم أجمع». كما أنه من مصلحة الأمريكان الحفاظ على العلاقات السعودية وأهمها الأمني.. فالمملكة من أكبر 5 مشترين لأسلحتها من أميركا، وهي الخسارة حال شراء المنتجات العسكرية من آخرين أو قطب آخر (روسيا والصين).
إننا وطن يراعي الحقوق والتوازنات الداخلية وغيرها، لذا صدق ولي العهد بأننا نقوم باستمرار على إصلاح بعض القوانين دون التدخل في الشؤون القضائية أو التأثير على أحكامها، حيث أعلنها بشفافية أن أي شخص متورط في مقتل خاشقجي يقضي عقوبته في السجن، ويجب أن يواجه القانون، قائلاً بالنص في حواره: «نأخذ كل الإجراءات القانونية التي تتخذها أي دولة. لقد فعلنا ذلك في السعودية، وتم إغلاق القضية. وأيضاً نحاول إصلاح النظام الأمني؛ للتأكد من أن هذا النوع من الأخطاء لن يحدث مرة أخرى. ويمكننا أن نرى في السنوات الخمس الماضية لم يحدث شيء من هذه الأشياء. وهذا ليس جزءاً مما تفعله السعودية».. ليُثبت ولي العهد أنهُ رجل قانون من الطراز الأول وأن مبدأ المملكة ثابت في ذلك، ولكي نحقق أهدافنا في المملكة يجب ألا نتوقف عن الإصلاحات والتطور، وذلك ما جعلنا نُعلن عن مشروع الربط بين الهند وأوروبا، في ظل انفتاح المملكة الكبير الذي يتهمنا فيه كثيرون عن الترفيه والرياضة، واتهامات بـ»الغسيل الرياضي» بقوله الفُكاهي المرح: «إذا كان الغسيل الرياضي سيزيد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1% فسأستمر في ممارسة الغسيل الرياضي»، وإلا ما كانت الأندية السعودية هي ثاني أكثر الأندية عالمياً في الانفاق واستقطاب المحترفين، بل وجعل التضخم 2% فقط ، والذي أرهق العالم وحتى الدول المتقدمة الذي بلغ في أغلبها لأكثر من 33%.
إنها باختصار وشهود عيان المملكة العربية السعودية في عيدها الوطني 93، أعظم قصة نجاح في القرن الواحد والعشرين، ونحن لا نترك الفرص بل نقتنصها، فقد كنا نعاني من مشاكل الماضي، وأتيحت لنا فُرص لم نستغلها، والآن نستثمرها للمُضي قُدماً في السعودية التي تمتلك المشاريع الأكثر طموحًا في كل القطاعات، لذا نحن الأسرع على الكوكب.