أ.د.عثمان بن صالح العامر
السبت الماضي كان يومنا الوطني الثالث والتسعون ( 93 )، هذا اليوم المجيد الذي جاء اعتباره كذلك جراء إصدار المؤسس الباني لهذا الكيان العزيز جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله مرسومه الملكي رقم 2716 وتاريخ 17 جمادى الأولى 1351هـ القاضي بتحويل اسم الدولة من ( مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها ) إلى الاسم الحالي ( المملكة العربية السعودية ) وذلك ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ الموافق الأول من الميزان يوم 23 سبتمبر 1932م.
كان هذا التغيير في اسم الوطن بعد أن أنجز رحمه الله ومن معه من الرجال الأبطال ملحمة التوحيد الخالدة التي تعتبر أعظم ملحمة وطنية عرفها العصر الحديث، ولك أن تتصور كيف كانت هذه البلاد قبل التوحيد وتنظر في ذات الوقت بعين المؤرخ الحصيف حالها بعد هذا الحدث التاريخي المفصلي الهام.
تخيلت هذا المساء جلالة الملك المؤسس للدولة السعودية الثالثة رحمه الله يقوم من قبره في مقبرة العود - التي على الأرجح سميت بذلك نسبةً له رحمه الله-.
وقف ينظر أول ما نظر إلى القبور من حوله، سأل عن القبور التي تملأ المكان، فكان الجواب من التاريخ إنها قبور من ماتوا بعدك من أسرتك وشعبك وكان دفنهم في هذا المكان ( العود ) ومن بين هؤلاء المدفونين حولك وقريب منك الملوك من بعدك أبناؤك، سعود، فيصل، خالد، فهد، عبد الله، رحمهم الله جميعاً.
لقد حكموا هذا الوطن وكانوا أمناء أوفياء مع الوطن والمواطن.
- ومن الذي يحكم اليوم ؟ - نحن اليوم في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده ابنه (حفيدك وشبيهك) محمد بن سلمان بن عبد العزيز.
كان المؤرخ الذي يتحدث إليه يعرف جيداً إنجازات الوطن طوال هذه السنوات الخضر الحافلة بالعطاء والنماء، وكان رحمه الله يوقف التاريخ عند كل منجز يذكر له، يسأل عن تفاصيله وشموله لكل أجزاء الوطن وعن آثاره وثمراته فيحمد الله عز وجل ويشكره على هذه النعم التي يرفل بها الوطن وينعم فيها مواطن داره وأرضه ووطنه المملكة العربية السعودية.
وبعد أن سأل عن إنسان الوطن ومقدساته ومشاريعه ومنحزاته، توقف الحديث بين المؤسس والتاريخ عند هذا العهد الميمون، تساءل رحمه الله عن أبرز ملامح هذا العصر و أهم منجزاته؟
كان المؤرخ الذي انبرى للإجابة عن كل الأسئلة السابقة مدركاً مغزى سؤال ( العود )، ولذا أجمل الرد في قوله ( نحن اليوم وإن كنّا نفتخر بأننا امتداد حقيقي للدولة السعودية الثالثة التي انبنت وتوحدت وتأسست على يديك وبفضل الله ثم فضل طاعتك لله وجهادك، نباهتك ودهائك، حكمتك وحنكتك، بذلك وعطاءك، إلا أننا في حقيقة الأمر نشهد تدشين مرحلة جديدة لها رؤيتها التواقة لملامسة عنان السماء، لديها تطلعاتها العالمية وطموحاتها العالية التي يقودها بكل حكمة وحنكة واقتدار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، مهندس رؤية المملكة 2030.
إننا أيها المؤسس الباني ونحن نحتفل اليوم بمرور ثلاثة وتسعين عاماً على هذا الاسم الذي أنت من اختاره ومن ثم انحفر في قلوب الشعب السعودي الذي يقف اليوم خلف قيادته صفاً واحداً متراص اللبنات، ونتذكر سيرتك ومسيرتك العطرة الخالدة لنستلهم منها الدروس والعبر، ولنجعل من إعادة عجلة التاريخ للوراء وقوداً لنا في خوض غمار مرحلة جديدة من البناء الوطني الشامخ في زمن يختلف في طبيعته ومعطياتها، وسائله وتقنياته، صداماتها وصراعاتها، عن العصر الذي كنت فيه.
نعم ونحن نتذكر الماضي بكل تداعياته وأحداثه وبطولاته وأمجاده نحقق أحلامنا التي تداعب أخيلتنا بكل احترافية واقتدار بفضل الله عز وجل ثم بسواعد أبناء الوطن وفتياته الذين نراهن عليهم ونتحدى بهم وننافس دول العالم أجمع، ولذا حق لنا أن تكون عبارة ( نحلم ونحقق ) شعاراً للوطن وللمواطن في يومه الوطني هذا العام.
إنني في الوقت الذي أتشرف برفع أسمى التبريكات القلبية لمولاي خادم الحرمين الشريفين ولسمو سيدي ولي العهد الأمين، رئيس مجلس الوزراء ولكل مواطن سعودي مخلص بمناسبة يومنا الوطني الـ 93، أرفع أكف الضراعة للرب الكريم بأن يديم علينا أمننا، ويحفظ عقيدتنا، ويحمي بلادنا، ويديم عزنا، ويوفق قادتنا، وينصر جنودنا، ويحرس حدودنا، ويبقينا كما نحن شعب متكاتف متعاون يقف صفاً واحداً خلف قيادته يبذل الغالي والرخيص من أجل حماية وطنه وسلامته، والدفاع عنه، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.