فضل بن سعد البوعينين
منذ إطلاق رؤية 2030 والقطاع السياحي ينمو بشكل لافت، وفق إستراتيجية تعتمد في مدخلاتها على استثمار المقومات السياحية المتاحة، والتنوع البيئي والمناخي، وتتوزع جغرافياً بين المناطق والمحافظات ذات المقومات السياحية التنافسية.
وكانعكاس مباشر لإستراتيجية التنمية السياحية التي يقف خلفها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، تمكن القطاع السياحي من رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 3 في المائة قبل إطلاق الرؤية، إلى 7 في المائة، وهي قفزة كبيرة، وقريبة من مستهدفات 2030. كما حققت المملكة فائضاً في ميزان المدفوعات لبند السفر في الربع الأول من 2023، بنحو 22.8 مليار ريال، مقابل عجز قدره 1.6 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق. ونمت إيرادات السياحة الوافدة بحوالي 225 % مقارنة بالربع الأول من عام 2022 لتصل إلى حوالي 37 مليار ريال سعودي بحسب بيانات البنك المركزي السعودي.
نتائج مهمة، ولافتة، تؤكد قدرة القطاع السياحي على النمو والتوسع في جميع المناطق، بشكل أكبر وأسرع من المتوقع، مدعوماً بالطلب المحلي والخارجي، ومعززاً بمشروعات نوعية جديدة تحاكي، أو ربما تتفوق، في مكوناتها على ما تحتضنه الوجهات السياحية العالمية. ومن أهم تلك المشروعات مشروع «قمم السودة» الذي أطلقه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة شركة السودة للتطوير. إطلاق المخطط العام لمشروع تطوير السودة «قمم السودة»، سيسهم في تطوير وجهة جبلية سياحية فاخرة فوق أعلى قمة في السعودية على ارتفاع 3,015 متراً عن سطح البحر، وسيمكن القطاعات الحيوية الواعدة، ويدعم إستراتيجة التطوير، إضافة إلى ما سيحققه من تنمية شاملة للمواقع المستهدفة، والمحيطة بها.
فالمشروع لن يكون منعزلاً عن بيئته، بل جزء رئيس منها، ما سيعزز التنمية الشاملة في منطقة عسير، لضمان الوصول بكل يسر وسهولة للوجهات السياحية المزمع تطويرها، ولتكون رحلة السائح محاطة بالتجارب الإيجابية الضامنة لعودته مرة أخرى لزيارة تلك الوجهات، ولتسويقها أيضاً من خلال النقل الإيجابي، والتوصية بزيارتها.
السياحة الجبلية إحدى أهم مكونات السياحة، حيث تستقطب نحو 14 % من السياح الدوليين الوافدين من جميع أنحاء العالم، أي ما يقرب من الـ 363 مليون سائح وفق البيانات الدولية لعام 2019م. ومن هنا تكتسب السياحة الجبلية أهمية استثنائية، ويمكن تحويلها إلى جوهرة ثمينة في عِقد السياحة المحلية.
سمو ولي العهد رئيس مجلس إدارة شركة السودة للتطوير، أكد «أن قمم السودة ستعكس الوجه الجديد للسياحة الجبلية الفاخرة من خلال توفير تجربة معيشية غير مسبوقة، وسيسهم المشروع في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 وتنمية القطاع السياحي والترفيهي، ودعم النمو الاقتصادي من خلال المساهمة في زيادة إجمالي الناتج المحلي التراكمي بأكثر من 29 مليار ريال، وتوفير آلاف الوظائف بشكل مباشر وغير مباشر». من المهم قراءة المشهد المستقبلي للمشروعات السياحية التي تطرح تباعاً بدقة، وهو نهج انتهجه سمو ولي العهد في جميع المشروعات، حيث تبيان الأثر الثقافي، التنموي، المجتمعي، والاقتصادي على الناتج المحلي الإجمالي، ومساهمته في خلق الوظائف والفرص الاستثمارية، وبما يعكس أهميته وأثره المستقبلي على المناطق الحاضنة لتلك المشروعات، والأهم من ذلك ارتباطها الوثيق بالمقومات التنافسية، المشكلة لنوعية المشروعات السياحية المستهدفة.
استقطاب ما يقرب من مليوني زائر خلال العام سينشط الحركة السياحية في عسير، وسيعزز الإنفاق السياحي والاستهلاكي عموماً، وسيدعم المشروعات السياحية الخاصة، وسيحول منطقة عسير إلى وجهة سياحية عالمية، تتميز بمشروعاتها الفريدة المتوافقة في التصميم مع الهوية العمرانية المعززة لثقافة المنطقة.
صناعة السياحة، وتطوير الوجهات السياحية في حاجة إلى تطوير موازٍ للبنية التحتية، بما فيها المطار والطرق المحورية وإستكمال الخدمات، والتوسع في قطاع الضيافة بدرجاته المختلفة، إضافة إلى الوعي المجتمعي بأهمية السياحة، ومعالجة التحديات الحالية. لا تتوقف التنافسية السياحية على المقومات الطبيعية بل تحتاج إلى التنمية الشاملة التي تصنع من تلك المقومات جواهر ثمينة تستقطب السياح على مدار العام، وهو ما ستحققه استراتيجية تطوير منطقة عسير التي أطلقها سمو ولي العهد العام 2021 تحت شعار «قمم وشيم» لخلق نهضة تنموية شاملة للمنطقة وتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية طوال العام.