عبد العزيز الهدلق
شارة القيادة أو الكابتنية للفريق ليست مجرد قطعة قماش تلف حول عضد أقدم لاعب في الفريق! ربما هي كذلك لدى بعض الأندية.
ولكن في أندية أخرى والهلال منها، يكون لشارة القيادة قيم ومعانٍ أبعد وأعمق من ذلك.
عندما حضر كريستيانو رونالدو تقلد شارة القيادة في فريق النصر مباشرة، وكذلك بنزيمه في الاتحاد وفرمينيو في الأهلي. لكن في الهلال لا.. الوضع مختلف. لأن الثقافة مختلفة، ومعاني شارة القيادة مختلفة.
شارة القيادة في الهلال لها معانٍ في تقدير قيمة اللاعب، وتعظيم مكانته، وفي إشعاره بأهميته، وأن عطاءاته وجهوده على مدى سنين في خدمة النادي، وفي الارتقاء بمستواه الفني، وفي تعامله مع مدربيه وزملائه اللاعبين.
فقائد الهلال سلمان الفرج لو لم يكن يشعر بتلك القيمة التي منحه إياها ناديه، وكذلك نائبه سالم الدوسري، لما ارتقت مشاعره في احساسه بقيمة نفسه كلاعب يقود زملاءه لمقارعة أقوى الفرق ومواجهة أعظم اللاعبين في العالم دون شعور بالدونية وأنه أقل منهم، مهما كان اسم ذلك الفريق ومهما كانت أسماء لاعبيه، وهذا ما أكدته بطولة كأس العالم للأندية التي أزاح فيها الهلال عن طريقه بطل إفريقيا الذي كان يلعب على أرضه وبين جمهوره، وبطل أمريكا الجنوبية فلامينجو الذي كان الفوز عليه من فريق آسيوي أو عربي أو سعودي حلمًا صعب المنال، وما كانت مواجهة بطل العالم التاريخي ريال مدريد لتكون بالنسبة للهلال مواجهة الند للند. لولا أن لاعب الهلال عموماً وقائده على وجه الخصوص يشعر بقيمته التي لا تقل عن قيمة أي لاعب آخر في العالم، وهذا ما أكده أيضاً مونديال قطر 2022 عندما قاد سلمان الفرج منتخب الوطن مع زملائه والذين كان منهم تسعة من فريقه (الهلال) للفوز على منتخب الأرجنتين بهدفين، حيث كانت الخسارة الأولى للتانجو بعد (40) مباراة خاضها دون خسارة. ومنها انطلق ميسي وزملاؤه للفوز بكأس العالم، وكانت خسارته الوحيدة أمام المنتخب السعودي التي لفتت أنظار كل شعوب الأرض.
ولو لم يكن اللاعب الهلالي يشعر بقيمته ومكانته لتضاءلت أحلامه، وصغرت طموحاته، ولا استصغر نفسه أمام نجوم العالم.
لذلك عندما حضر كل هؤلاء النجوم العالميون بما فيهم الساحر البرازيلي نيمار بقي الكابتن والقائد للفريق لاعبًا سعوديًا. وهذه ثقافة وقيم هلالية عريقة ولعلنا نستعيد أحداثًا ماضية ونعود بالذاكرة (45) عاماً عندما حضر كابتن البرازيل الأسطوري روبيرتو ريفالينو ليلعب في صفوف الهلال، فقد كان الكابتن والقائد في وجوده هو عبدالله فوده (العمدة). لم يستصغر صانع القرار الهلالي لاعبيه وينتزع منهم شارة القيادة ويمنحها للقادم الأجنبي. بل كرس قيمة اللاعب السعودي في ناديه وأعلاها، مؤكداً أنه يستحق القيادة حتى في وجود اللاعب الأجنبي الذي هو في الوقت نفسه قائدًا لمنتخب بلاده. ولكنه عندما يدخل نادي الهلال فيجب عليه أن يخضع لقيمه وثقافته، ولم يكن ذلك مستفزاً للاعب الأجنبي، أو يشعره بعدم التقدير، بل كان يعظم هذا العمل، ويقدره، وما زال ريفالينو إلى اليوم مرتبطًا وجدانياً مع الهلاليين، يشاركهم أفراحهم وإنجازاتهم برسائل مصورة من بلاده تعكس مشاعره وامتنانه، وتظهر قمصان الهلال القديمة معلقة في منزله يحتفظ بها افتخاراً ويرفعها بكل اعتزاز.
زوايا..
** خلال الأسبوعين الماضيين تعرض الهلال لعاصفة من الانتقادات الحادة تجاه مدربه ومطالبات بإقالته، والسبب تعادل الفريق في آسيا، ثم التعادل أمام ضمك في الدوري، وفي كلتا المباراتين كان الهلال الأحق بالفوز وظلمه التحكيم والفار بعدم احتساب ضربة جزاء في كل مباراة إضافة إلى طرد أمام ضمك، ولو نال الهلال فيهما حقه لعم الهدوء البيت الأزرق.
** جزء من معاناة الهلال في كثير من المباريات أن لاعبيه لا يطالبون بحقوقهم المسلوبة في الملعب. ضربات جزاء لا تحتسب، لاعبون منافسون لا يطردون! أسهل شيء من حكم الفار أن يلغي هدفاً للهلال، أو ضربة جزاء احتسبها الحكم، ولكنه يغفل عن لمسة يد أو شد قميص هلالي، أو دعس قدم لاعب من الخلف انخلع منها حذاؤه داخل منطقة جزاء المنافس! ونرى كيف تنال بعض الأندية حقوقها وأكثر بأسلوب الاعتراض والضغط على الحكم.
** في الهلال من هو اللاعب المكلف بتنفيذ ضربات الجزاء خلال المباريات!؟ للأسف أن ما نراه عند احتساب ضربات جزاء للهلال أن هناك ارتباكًا وفوضى وعدم تحديد اللاعب المنفذ إلا بعد مفاوضات وتنازلات! وخلال مباراة الشباب الأخيرة كان ميتروفيتش سينفذ ضربة الجزاء الأولى قبل إلغائها، وفي ضربة الجزاء الثانية تقدم لها سالم الدوسري وأعطى الكرة نيمار!
** تسبب بعض لاعبي الهلال السابقين في إثارة الجماهير ضد الفريق والمدرب والإدارة. فمن تحدث عن خي (سوس)، وكذلك من تناول الكابتنية وهاجم سلمان وسالم، لم يوفقا إطلاقاً سواء في اختيار الموضوع، أو توقيت إبداء الرأي. ذلك أن الوقت وقت دعم وتأييد وشد أزر. فالنقد السلبي يمكن قبوله من إعلامي أو مشجع، أما من لاعب سابق فلا. لأنه يدرك مدى التأثير السلبي لرأيه على الفريق. وسبق له أن جرب مثل ذلك.
** كريستيانو رونالدو يعلم أن تأثيره الفني المباشر على فريقه النصر ضعيف جداً، لذلك اتجه إلى إحداث التأثير النفسي. فهو داعم معنوي بلا حدود لزملائه في الفريق، ويعتبرونه قدوتهم وقائدهم، فيقوم خلال التسعين دقيقة بتحفيز اللاعبين وبث الحماس في نفوسهم، وهذه عوامل مهمة يحتاجها أي فريق. كما أنه أول المطالبين بحقوق الفريق في الملعب من الحكم، فلا يترك حق الفريق، حتى ولو كانت حالة اشتباه، فلابد أن ينطلق تجاه الحكم ويطالب بها.
** المعلق عبدالله الغامدي عندما يعلق على مباريات النصر في دوري روشن يلقي قصائد حربية وحماسية عند تسجيل النصر هدفاً! ولكنه يلتزم الصمت إلا من همهمات قليلة عندما يسجل الفريق الآخر! ما الذي يحدث في شاشة الناقل الرسمي؟
** الجديد في العبث بعقول الجماهير وصل حد تزييف مشجعين ودفعهم لاستقبال لاعبي فريق آسيوي للتحريض على لاعب فريق محلي! بهدف الإساءة للنادي الذي يدعي ذلك المشجع المزيف أنه ينتمي له! لقد تجاوزوا كل حدود المنطق والمعقول. ولديهم (جلد) على مواصلة الضجيج، والتزييف، وابتكار كل فعل يلحق الأذى بالآخرين.