علي الخزيم
ـ الشاطح الفاعل من (شطح) كمن يبتعد عن التصرف السديد فيقع بالخطأ، أو يسترسل بالكلام فيشطح به خياله وتفكيره إلى شجون وتفرعات تُفقِد الحديث رونَقَه وحلاوته، ومثله من يَغُذ السَّير ويشطح بالمسير حتى يتوه عن الجادة وتتلقفه الفيافي، فهو بكل المعاني مذموم ومحل نقد سلبي، وأضحى عنواناً للتصرفات والأعمال الخارجة عن المألوف والنظام والعُرف.
ـ مشهد لمراهق استَخَفّ ظِلّه وشمَّر عن ساقيه وأطلقهما للريح داخل ملعب المباراة زاعماً إعجابه باللاعب المفضل لديه وأنه يُصِر على تأكيد ذلك بمقابلته وجهاً لوجه وتقديم عبارات وحركات الإعجاب به مباشرة دون حاجز، فهذا مثال حي لشطحات التصرفات الخارجة عن القانون والنظام؛ وحين ترفضها الجماهير فإن النظام يعاقب عليها دون تردد.
ـ الشاطح لم يكن مدفوعاً بحماسه من ذاته فحسب؛ بل إن شاطحاً آخر لم يظهر بالمشهد كان مُحفِّزاً له ودافعاً لتهوره حين وجد به مجالاً خصباً للاستخفاف بعقله وجعله أضحوكة للجمهور المحيط وللمشاهدين عبر الشاشات، كما جعله عُرضة للمساءلة والعقاب على فعله الشاطح المُشين.
ـ ليس الشاطح من يقتحم ساحة ملعب المباراة فقط؛ فهناك شاطحون بين جموع المشاهدين وإن لم تلتقطهم كاميرات التصوير، يفتعلون تصرفات غير مقبولة وقد تكون مزعجة وخارج المتعارف عليه أدباً وخُلقاً مع الجماهير الحاضر كافة، لا سيما إذا كانت تصرفات شائنة أو كلمات نابية تَنْفُر منها الأسر الحاضرة بالملعب.
ـ يغفل بعض الشاطحين عن أن المنافسات بالدوري السعودي باتت بمصاف الدوريات العالمية وتشاهدها الملايين عبر عشرات القنوات الفضائية الناقلة ووسائل متعددة محمولة يتمكن من خلالها العالم من رسم صورة عن عاداتنا وثقافتنا ومستوى الوعي لدى جماهيرنا، فتكون الإساءة والشطحات بالغة بالتأثير السلبي، فلم تَعُد مَحليَّة يتغاضى عنها المجتمع على أمل اندثارها.
ـ ولأن الرياضة السعودية تشهد دعماً وتطويراً منقطع النظير وبدرجة حَوَّلت انظار العالم نحو ساحتنا الرياضية، وبمشاركات نجوم الكرة الدوليين من كل بلاد العالم؛ إذاً فالمشاهد العربي والأجنبي جعل حيزاً من مشاهداته لقنواتنا الرياضية، وهذا يعني أن من الشاطحين (بعض مَن يُطلَق عليهم محللون رياضيون) ما زالوا ينفثون شطحات كلامية تبرز غوغائية التعصب الممقوت والطرح غير المقبول؛ ما يدعو لسرعة تصحيحه.
ـ تحسين وتجميل الصورة البَهيَّة للرياضة والإعلام الرياضي السعودي بما هو عليه الآن من تقدم متسارع وشامل يلزمه اجتثاث كل صوت نشاز يصدر من فضائية رياضية سعودية رسمية أو أهلية، فالصورة والكلمة الشائنة والصراخ البذيء عبر الفضاء الرياضي؛ وتبادل التّهم وتزييف الأرقام والحقائق بزعم التشجيع المَشُوب بالتعصب للنادي المفضل كلها شوائب تُعكّر نقاء الصورة الجميلة عن مملكتنا الحبية.
ـ ويلفت الانتباه أن كُلَّ من وجد فرصة للظهور عبر برنامج رياضي عن طريق الصّدفة أو الواسطة (الشُّلليّة)، يأخذ يوماً بعد الآخر برفع صوته ومُقاطَعة المتحدثين زاعماً أنه يتصدى لآرائهم وطرحهم الكُروي، ثم تخدعه الأضواء ليمنح نفسه لقب (إعلامي) وهو بالحقيقة لم يعرف للإعلام طريقاً لا بالدراسة ولا بالممارسة والخبرة المهنية، فهذه شطحة أكبر من أختها، فهل من علاج لتلك الشطحات وابعاد الشاطحين؟