سارا القرني
«أحتاجك».. هي حملة توعوية تثقيفية انطلقت تزامناً مع الاحتفال بالشهر العالمي لمرضى الزهايمر، والذي يصادف شهر سبتمبر من كل عام، هذه المبادرة التي زرتها شخصياً بالجمعية السعودية الخيرية لمرضى الزهايمر ، واطلعت على المجسمات والصور المعروضة عن معاناة المرضى.. وما تجسده من حالة الشعور بالارتباك الفائق التي تسبق مرحلة التلاشي لكل شيء حولهم من ملامح وصور وأسماء وذكريات.
كانت الزيارة مليئة بالمعلومات التثقيفية الرائعة وبشكل يسهل التقاطه وفهمه واستيعابه، لكنها في ذات الوقت باعثة للحزن على ما يمر به مريض الزهايمر من حالات عدم يقين بنفسه ومن حوله.. وإن كان يكنّ لهم بعض المشاعر لكنه لا يتيقن حقيقتها أو يستذكر مسبباتها، وباعثةً كذلك على التضامن مع من يرعون هؤلاء المرضى الغالين على قلوبهم.. من الوالدين أو الأجداد.
شعورٌ لا توصف رهبته حين تستوعب مدى تفاهة العالم حين ينسى والدك من تكون، أو تنسى أمك اسماً لطالما نادت به في دعائها إلى ربها، وحالة وجدانية لا يكفيها مداد قلم.. عن مدى التيه الذي يستوطن ذاكرة المرضى فلا يدركون هويتهم ولا ما حولهم.
وبالمقابل انتابتني حالة من الطمأنينة.. حين انتبهت أنّ لهؤلاء المرضى من يهتم بهم ويرعاهم، سواء كانوا ذووهم أم الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الزهايمر، حالة من الهدوء والارتياح لأنّ من نحبه سيكون موجوداً حتى إذا تلاشت صورته من ذاكرتنا، لأنّ رابطة الحبّ الأسريّ تتعدى مرحلة الذكريات فتظلّ إلى الأبد.
صاحبة السمو الأميرة مضاوي بنت محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن.. رئيسة مجلس إدارة الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الزهايمر، كانت حاضرة بحفاوتها المعروفة لكلّ من وطأت قدمه مقرّ الجمعية، وكانت حريصة على نقل أهمية التوعية بمرض الزهايمر وكيفية التعامل معه، وخير دليل هو امتلاء جنبات المقرّ بالمجسمات التعبيرية والصور التي تنقل تجربة الزهايمر بطريقة مبتكرة وفريدة.. لأنّ من يشعر بالمعاناة سيكون خير معينٍ على حلّها وتثقيف من حوله بشأنها، ودفعني الفضول لمعرفة الجمعية أكثر وأكثر والتعريف بها.. وقد فاجأتني نتيجة البحث التي لم تتعدَّ صفحة الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الزهايمر على الإنترنت.
للوهلة الأولى عند زيارتك لموقع الجمعية.. ستتفاجأ بكمّ الأرقام والإنجازات التي حققته.. إذ يستفيد من الجمعية ما يربو على ألف مستفيد، يخدمهم 33 عضواً منتسباً و63 عضواً عاملاً وأكثر من 4400 متطوع، وبمساعدات عينية ونقدية تجاوزت المليون ونصف ريال خلال 2022م، رافقها أكثر من 900 لقاء توعوي وتدريب صحي وأكثر من 500 زيارة منزلية، وما يقارب 11 مليون ريال لتوفير الأجهزة الطبية والأدوية اللازمة، وتدريب أكثر من 40 شخصاً عن بُعد.
وللأمانة.. ما ذكرته لا يعدّ شيئاً أمام ما رأيته، فبارك الله هذه الجهود الجبارة وغير المستغربة على وطن الخير.