خالد بن حمد المالك
كان حلم الفلسطينيين والعرب أن تسفر حرب الأيام الستة في يونيو عام 1967 التي كانت نهايتها مذلةً للعرب؛ ونجاحاً للمشروع الإسرائيلي الذي أقام دولته خارج غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، فإذا بها تنتهي الحرب لصالحه باحتلال كل الأراضي الفلسطينية، وأن تتوسّع باحتلال أجزاء من الأراضي المصرية والأردنية والسورية، ماجعل العرب يسارعون إلى عقد قمتهم بالخرطوم في أغسطس عام 1967م لمعالجة آثار النكسة، ودمدمة ما أصاب دول جوار إسرائيل تحديداً مصر وسوريا والأردن من أضرار، والاتفاق على اللاءات الثلاثة (لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض)، وكان هذا الاتفاق عاطفياً أكثر منه واقعياً، إذ لو تم التفاوض يومها لكان أمكن تحقيق مكاسب كبيرة وبقيام الدولة الفلسطينية على أراضي ماقبل حرب يونيو عام 1967م.
* *
كرّر المصريون خوض معركة جديدة مع إسرائيل بأمل تحرير الأراضي المصرية المحتلة، ونجح المصريون في حرب 6 أكتوبر عام 1973م في استرجاع أراضيهم، ولاحقاً الاعتراف بإسرائيل، وسط حملات ضد الدولة المصرية، واتهام قيادتها بالخيانة، والتصفية الدموية للرئيس المصري آنذاك أنور السادات، مع أن تصرف السادات كان هو التصرف السليم والواقعي والمطلوب في ظل العجز العربي والفلسطيني في تحرير الأراضي المحتلة.
* *
وبعد مصر اعترفت الأردن بإسرائيل، وباعترافها هذا استعادت أراضيها المحتلة، ولو لم تفعل ذلك آنذاك، لكان يستحيل اليوم أن تفرط إسرائيل في أراضٍ أصبحت في حوزتها بقوة السلاح، خاصة وأن هناك مستجدات منذ ذلك الحين وإلى اليوم تخدم بقاء إسرائيل، مدعومة من أمريكا والغرب ودول أخرى، وبعد مصر والأردن كان الجميع على موعد مع تطبيع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب وغيرها مع إسرائيل، وما يجب أن نفهمه أن الحوار مع إسرائيل يعطي الفلسطينيين بعض مطالبهم، وبدون الحوار لاشيء يمكن لإسرائيل أن تتنازل عنه لصالح عيون الفلسطينيين.
* *
إذاً وحتى نكون واقعيين، وتتحقق للفلسطينيين آمالهم وتطلعاتهم في حدود الممكن، فيجب أن نستلهم من التجارب والمواقف السابقة ما يعزز التوجه الجديد نحو الخروج من الأزمة إلى السلام، واعتبار اللاءات الثلاثة كما لم تكن، فهناك خطة من إدارة الرئيس الأمريكي بايدن للوصول إلى حلٍّ للقضية الفلسطينية، وتحديداً من أجل أن تسهل حياة الفلسطينيين، وفقاً لوصف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأن التطبيع بين المملكة وإسرائيل في كل يوم يصبح أقرب بحسب ما صرح به سمو الأمير، وأن المباحثات لم تتوقف، وإذا ما تم التوصل إلى اتفاق يمنح الفلسطينيين احتياجاتهم، ويجعل المنطقة هادئة، وهناك تنازلات على إسرائيل أن تقدمها، فسوف يقابلها تطبيع سعودي مع إسرائيل.
(يتبع)