سلمان بن محمد العُمري
40 مليار ريال يتم هدرها سنوياً من خلال فائض الأطعمة التي ترمى في النفايات أو تنتهي صلاحيتها دون الاستفادة منها، وهذا الرقم مؤلم ومحزن جداً من اعتبارات عدة شرعية واقتصادية واجتماعية، هذا الرقم المعلن أكده معالي وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأمن الغذائي، وهو يدعو للحد من الفقد والهدر في الغذاء، ومن خلال دراسة المسح الميداني للفقد والهدر الغذائي بالمملكة التي أجرتها الهيئة العامة للأمن الغذائي ثبت أن نسبة الفقد والهدر بلغت (33.1 %) بتكلفة سنوية تقدر بنحو (40) مليار ريال.
هذا الرقم المزعج يتطلب منا جميعاً وبلا استثناء أن نسهم قولاً وعملاً في التحذير من الإسراف والهدر الغذائي الذي ورد النهي الشرعي عنه، قال تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، وقال عليه الصلاة والسلام «طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة»، وبيان ما يجب على المجتمع حيال هذه النعم للمحافظة عليها.
نحن -ولله الحمد- نرفل بالنعم والخيرات وبيوتنا تمتلئ بأنواع الطعام من خيرات بلادنا أو الواردة إلينا من المشرق والمغرب، واعتيادنا للنعم التي من الله بها علينا يجعلنا لا ندرك قيمتها، ولا يعرف قيمتها إلا من فقدها، ونسأل الله ألا يحرمنا إياها وأن يزيدنا من واسع فضله.
ومن المبادرات الخيرية الطيبة في بلادنا وما أكثرها؛ الجمعيات الخيرية الخاصة باستلام وتوزيع الفائض من الطعام في جميع مناطق المملكة، ومن كان لديه مناسبة ووفرة في الأكل فليتصل على الجمعيات وهم يوصلونه للمحتاجين بسياراتهم وعمالهم، وهذا عمل طيب مبرور ففيه حفاظ على النعمة من الهدر ورميها في المخلفات، وكذلك إطعام الجائعين من المحتاجين والضعفاء والمساكين، ومن أعمال هذه الجمعيات؛ استقبال الفائض من الأطعمة والمشروبات، واستقبال المستغنى عنه من الملابس، واستقبال المستغنى عنه من الأثاث، واستقبال الصدقات.
والجميل أن أصحاب قصور الأفراح وبعض المطاعم في جميع المدن والقرى أصبحوا من المتعاونين مع الجمعيات في هذا الأمر ابتغاء الثواب والأجر، فتخيل كم من الأجر سيأتيك في كل لقمة يأكلها طفل أو أو امرأة أو مسن؛ فهنيئاً لمن يشارك في هذا الخير العظيم الذي قد يكون باباً يوصلك إلى الجنة، كيف لا وأنت تسهم في تقديم لقمة طعام لمن هم أشد ما يكونون لها.
إن قيام هذه الجمعيات هو علاج لظاهرة الإسراف والتبذير والهدر الغذائي، وأتمنى أن نبادر لحل مرض التبذير والإسراف بزيادة الوعي وتثقيف المجتمع، وأن لا تكون مساهماتنا للفقراء والمساكين عبر الفائض من الطعام ولكن بالصدقات الطيبة التي ستتوفر لنا من خلال الاقتصاد في المأكل والملبس وألا نشتري إلا ما نحتاج إليه وأن نقتصد في الولائم والمناسبات وندع التباهي و(المهايط).
اللهم إنا نسألك أن تحفظ علينا النعم، وتدفع عنا النقم وأن ترزقنا حلو الحياة وخير العطاء، وأن تديم على بلادنا أمنها وإيمانها ورخاءها واستقرارها.
والحمد لله رب العالمين.