عمر الكندي
يبين تاريخ البناء أن المعماريين دائماً ما كانوا مبدعين في تكييف وتحسين المنشآت السكنية والتجارية وذلك من خلال تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد المحلية المتاحة لتلبية احتياجاتهم وتحقيق غايتهم من البناء، مع مراعاة القيود الاقتصادية والاجتماعية والمناخية المحلية. وقد طورت المجتمعات في جميع أنحاء العالم ثقافات بناء مختلفة
تتناسب مع أسلوب حياتهم وبيئتهم ومجتمعهم، إن ثقافات البناء المحلية ليست ثابتة. فهي تتطور بتطور المجتمعات لا سيما مع الاختلاط والتبادل مع البلدان والثقافات الأخرى وهو ما يضيف أساليب تشييد فريدة ويجلب معه معارف ومواد بناء وتقنيات جديدة.
لا تقل أهمية أنماط البناء عن أهمية موقع المشروع نفسه، فكل نمط معماري وله احتياجاته من حيث تشغيله وصيانته وإدارته، مما ينعكس سلباً أو إيجاباً على إيراداته واستدامته.
يقول المعماري الألماني وهو واحد من أشهر معماريي القرن العشرين شهرة وتأثيراً ( ميس فان دي رو ) وهو آخر مدير لـ مدرسة الباوهاوس العصرية وأحد مؤسسيها : القليل يعني الكثير « less is more « بمعنى البساطة أفضل من التعقد حيث تبدأ الهندسة المعمارية بوضع طوبتين معاً بعناية.
من هنا تبدأ أهمية الأنماط في بناء مشروع عقاري استثماري ناجح كل مرحلة تخالف النمط السائد لأسلوب البناء في محيط المشروع هي بمثابة هدر ورفع من تكاليف الاستثمار وبنائه مما سينعكس سلباً على قيمة المشروع ومدى ربحيته. ولتلخيص ذلك : تبدأ مرحلة دراسة جدوى نمط البناء من دراسة البنية التحتية والبيئية والاجتماعية لمخطط الحي وهو موقع المشروع ومنها لأسلوب البناء ( النمط ) بكل تفاصيله من الأساسات إلى التشطيب ومنها إلى الفئة المستهدفة حسب موقع العقار وامتيازاته.
ومع أخذ هذا في الاعتبار، من المهم الإشارة إلى أهمية إيجابية الحفاظ على هوية الهندسة المعمارية التقليدية بأنماطها، ولكي يكون هذا فعالاً بل ويحقق قفزة نوعية على نطاق واسع للمشروع سيتعين على المستثمر أو دارس الجدوى أن يحلل المباني التقليدية من منظور الهندسة العكسية. فالعديد من المشاريع تتوقَّف بسبب الافتقار إلى البيانات والمعلومات التقنية عن الأداء الفعلي لهذه المباني، وهو أمر ضروري لطمأنة المستهلك من المنظور النفسي لرؤية المشروع، نحن في الواقع نتعامل مع تفكير عميق للهندسة المعمارية لأن الوصول إلى العناصر الرئيسية من المواد المحلية، بما في ذلك المواد متواضعة الأداء، يتم للأسف من خلال البحث على الصعيد العالمي في كثير من الأحيان، لا ننكر أن بعض أنواع الهندسة المعمارية التقليدية يتطلب تحسيناً بل ويظل التفكير التقني ضرورياً لمواكبة الثورة العمرانية العالمية ولكن يجب أن لا نقلل من تشجيع النمط المحلي والعمل على ابتكار الحلول في ما يقابل ذلك من تكاليف البناء حتى تتاح الفرصة لاقتراح التحسينات التي يمكن اعتمادها بفعالية على نطاق أوسع بحيث تصل الفائدة التي قد تكون غير مباشره إلى أكبر قدر ممكن إلى أكبر عدد من الناس . « النمط هو بمثابة بصمة وهوية ورؤية للمشروع».