عبده الأسمري
ما بين ميادين «الدبلوماسية» ومضامين «المهنية» أسس «أصول» المكانة وعاش «فصول» التمكين مؤصلاً جمله «الفعلية» من أفعال «الأمانة» مستنداً على ضميره المتصل بالإخلاص ومصدره الصريح بالنزاهة وفعله الخالص بالحرفية وشخصه المخلص للوطنية.
خطا بخطوات «واثبة» على دروب «الصبر» ممتطياً صهوة «العبر» حاصداً حظوة «الجبر» في «صيت» ذائع وسط عناوين الذاكرة و»صوت» مهيب في محافل السياسة اعتلى «شؤون» الذكر بشواهد الأثر وكتب «متون» الفكر بمشاهد التأثير ليظل الاسم الساطع في حديث التذكر والنجم المشع في حدث التذكير.
قطع «مفازات» الترحال وحصد «فوز» التنقل واضعا «المسافات» المكانية سراً لصناعة «المعرفة» مستثمراً «الاستيفاءات» الزمانية جهرا في صياغة «الثقافة» فكان المسافر بمساعي اليقين والسفير بدواعي التعيين وابن الوطن البار وسليل البلاد السار الذي رتب «مواعيد» الكفاح ووزع «وعود» الفلاح على بوابات «الضياء» المعرفي و»الامضاء» التنموي.
إنه السفير السابق لدي باكستان والهند والعراق وأفغانستان وماليزيا معالي الأستاذ محمد الحمد الشبيلي -رحمه الله- أحد أبرز رجال الدولة وفرسان وزارة الخارجية على مر عقود.
بوجه قصيمي وسيم الملامح مسكون بابتسامة مستديمة وبسمة دائمة وتقاسيم شبيهة بأبيه متشابهة مع أخواله ومحيا ممتلئ بومضات التواضع وإمضاءات الرقي مع عينين تلمعان بنظرات «الود» وتسطعان بلمحات «التواد» وشخصية مسجوعة بلين الجانب ولطف المعشر وسمو الحديث وجمال الوصال وجميل الطبع وقوام عامر بهندام وطني مكتمل الأناقة وصوت جهوري خليط ما بين لهجة «قصيمية» عامرة بالأمثلة والحكم والصفاء في مجالس القوم ومواطن العائلة ولغة «دبلوماسية» غامرة بالبنود والاتفاقيات والأسس قوامها «خبرة» عريضة ومقامها «سيرة» طويلة في منصات الخارج ومحافل القرار وكاريزما ترفل بالأدب الجم والخلق الرفيع والسمو الذاتي قضى الشبيلي من عمره عقودا وهو يؤسس «مناهج» السياسة ويؤصل «منهجيات» الخارجية ويوطد «تاريخ» العلاقات الدولية ويرفع راية «القرارات «الدبلوماسية ويهدي للوطن «بشائر» التفوق ويورث للأجيال «تباشير» النجاح قنصلاً وسفيراً وخبيراً ورجل دولة وبطل مرحلة سخر وقته لخدمة دينه وقيادته ووطنه ومجتمعه وترك «مخزوناً» من السمعة المضيئة بالمآثر والذكرى المشعة بالمناقب ورصيداً مديداً من السيرة الحميدة والمسيرة المجددة في عالم «المسؤولية» ومعالم «الاحترافية».
في عنيزة الشهيرة بإنتاج الفضلاء وتخريج النبلاء وزف السفراء والوجهاء إلى مساحات «الانفراد» ولد عام 1910 في نهار ربيعي ملأ أرجاء بلدته وأجواء أسرته بعبير الفرح وأثير السرور وانطلقت في المنازل الطينية المجاورة المسكونة بالتعاضد أهازيج البهجة ومواويل المهجة ابتهاجاً بالقدوم المبارك والمقدم الميمون.
تجرع اليتم باكراً بعد وفاة والدته سيدة الخير منيرة الشبيلي بعد أيام من ولادته فتولت خالاته الكريمات رعايته والاعتناء به ليملأن فراغ «الأمومة» بحنان ثلاثي غمر وجدان «الطفل اليتيم» برياحين العواطف ونفائس التعويض وعطايا الرحمة وتحولت خالته موضي لاحقاً إلى «زوجة أب حنونه» بمرتبة أم متفانية وتفتحت عيناه على والده الوجيه «التاجر القصيمي» سليل العائلة الشبيلية المشهورة بالفضائل والممهورة بالمحاسن ارتهن الشبيلي صغيراً إلى موجهات نصح أبوي كان بمثابة «النبراس» الذي أضاء درب طفولته ومثوبة «الأساس» الذي بنى عليه صرح شبابه.
ركض الشبيلي طفلاً مع أقرانه متنفساً نسائم «الحقول» ومستنشقاً أنفاس «المزارع» بين ديار عشيرته وتعتقت نفسه بأريج «الحصاد» في مرابع قبيلته وتشربت روحه «عناوين» السداد وسط مجالس قومه.
تنبه أقاربه إلى مكامن «نبوغ» في تصرفات الطفل الصغير فتحول إلى «حدث» أسري و»حديث» عائلي وسط تنبوءات استباقية من وجهاء عائلته بمستقبل واعد ينتظره نظير نباهته الباكرة ونباغته المبكرة.
ظل الشبيلي يؤنس مساءات والده ببروفات «الصغار» العفوية عن أمنيات الاعتبار المستقبلية واستمر يمطر أوقات المحيطين به بأسئلة النباهة والتي قوبلت بأجوبة «مثلى» في الحاقه بالتعليم المنوع والامعان في صقل مواهبه وتوظيف مهاراته.
التحق بكتاتيب قريته وتعلم فيها علوم الشريعة واللغة العربية والعلوم الأخرى وخضع إلى دروس شرعية متينة على يد العالمين عبد الرحمن القرزعي، وصالح بن دامغ ونهل من منابع علمية في حلقات الشيخين عثمان القاضي وعبد الرحمن السعدي.
ولأنه الابن البكر في منظومة الأسرة والوجه المنتظر لإشراقة الغد قرر والده أن يصطحبه في رحلاته وأسفاره التجارية إلى العراق وارتبط بقافلة «السفر» المبكر وهو في سن العاشرة والتي شكلت له نقطة «التحول» الأولى حيث ارتحل مع والده في «رحلة شاقة» زادها المثابرة وعتادها المصابرة إلى مدينتي البصرة والزبير الشهيرتين بالتجارة والعلوم وظل مرافقاً لأبيه في مجالس الخليجيين والعرب في «عراق» المجد مقتنصاً من تلك الجلسات المكتظة بالأدباء والوجهاء عوائد الأدب وفوائد المعارف وسمات التميز والتحق بمدرسة «الرجاء العالي» ودرس فيها الكثير من المناهج وتخرج منها وبعد عودته إلى البلاد من رحلة الاغتراب المفعمة بالتجارب والتي اغترف فيها من معين «المشارب» أصدر الملك عبد العزيز رحمه الله عام 1930 أمره بتعيينه على وظيفة كتابية بالديوان الملكي وانتهل خلال هذه الفترة من «منهجيات» القرارات و»استراتيجيات» الأداء وأبعاد التنمية» واتجاهات «السياسة» ومنابع «التخطيط» مع مناهج معرفية في تاريخ القبائل والأنساب والعلاقات الدولية.
وبعد مضي أكثر من عقد من الزمان تم نقله على وظيفة نائب القنصل السعودي في البصرة ثم تم تعيينه قنصلاً عاماً عام 1949 وقام خلالها أيضاً بأعمال السفراء السعوديين في بغداد أثناء إجازاتهم.
وفي عام 1957 صدر قرار بتعيينه على وظيفة «مستشار» بديوان وزارة الخارجية في جدة ثم وكيلاً لوزارة الخارجية في العام نفسه ثم تمت ترقيته على وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى، وعُين في الوقت نفسه سفيراً لدى جمهورية باكستان في نوفمبر عام 1957، وقد تم اختياره وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية عام 1962 ولكنه اعتذر ثم تعين بعدها سفيراً للسعودية لدى الهند في مايو 1964 لمدة 3 سنوات ثم صدر الأمر الملكي بتعيينه سفيراً لدى العراق من 1967 وحتى 1971.
وفي 1972 تم تعيينه سفيراً لدى أفغانستان ومضى في خدمة وطنه هنالك لمدة ست سنوات ثم أحيل إلى التقاعد.
ونظراً لخبرته وكفاءته وتميزه وسيرته الساطعة بالامتياز والإنجاز فقد تم استقطابه مجدداً ليكون سفيراً لدى الاتحاد الماليزي لمدة 10 سنوات من 1978 وحتى 1988 في عام رحيله.
انتقل إلى رحمة الله في أكتوبر من عام 1988 بعد معاناة مع المرض ونعته منصات «الدولة» ومقالات «الرأي وكتب عنه الكثير من عبارات «التأبين» ومفردات «النعي» ونصوص «العزاء» واكتظت وسائل الإعلام بنبأ وفاته لتعرض «البصمات» الجلية وتستعرض «السمات» العلية وتستشهد بالمواقف المتجلية التي ارتبطت باسمه وترابطت مع صداه.
ولأنه المحبوب والمقرب من الجميع وصاحب «القلب» الأبيض والروح التقية النقية والابتسامات الدائمة فقد ارتبطت كنيته «أبو سليمان» بحضوره واستذكاره كما يطيب للجميع مناداته نظير بساطته وتواضعه ولطفه وبعده عن إشعاع المناصب وأضواء الصلاحيات.
الشبيلي صاحب كفوف بيضاء مصبوغة بالإحسان ويمنى طالما كتبت الشفاعة وسهلت الصعاب وأنهت المصاعب وقلب شغوف بنفع الناس عطوف على المحتاج ونفس تواقة لفعل الخيرات وتوزيع المسرات وشخصية نزيهة العمل شفافة القول موضوعية الرأي كريمة اليد سخية العطاء تعتبر العابرين ضيوفاً والغرباء أخوة والمغتربين أشقاء والمواطنين أهل دار.
محمد الحمد الشبيلي السفير الخبير صاحب المعالي ورفيق العلا الماكث في الذاكرة المشرقة بالنبل والفضل والاستذكار المقترن بالشفع والنفع والرقم الصعب في قوائم المتميزين والعدد الصحيح في مقامات المبدعين.