د.شامان حامد
هي رابع حرب تدور بين العرب وإسرائيل بعد حروب أعوام: 1948 و1956 و1967. فعربياً نُطلقُ عليها «حرب الكرامة» وهي «حرب العاشر من رمضان» أو «السادس من أكتوبر»، لكن إسرائيلياً وغربياً هي حرب «يوم كيبور» أو «عيد الغفران»، لتكونُ لحظة فارقة في الشرق الأوسط وملحمة تاريخية بعد 50 عاماً، غيّرت الواقع وشكّلت المستقبل بعد نكسة 1967 القاصية.
لقد كشف الأرشيف الإسرائيلي الحكومي، وثائق سرية أظهرت سوء التقديرات والقرارات التي اتخذت قبيل اندلاع المعركة، واعترفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أن الوثائق كشفت سوء تقدير كل من وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس أركان الجيش للوضع، بعد أن استبعدا إمكانية اندلاع حرب مع مصر وسوريا.. ومن التقارير وقعت الحقائق للإيهام المصري لهم بذلك وشربوا «الطُعم»، الذي أعاد للشعب المصري ثقته في النفس وجيشه، بعد بناء القوات المسلحة المصرية وتطوير أدائها السياسي وعودتها إلى وضعها الطبيعي ومكانتها، والأهم تحالفات الإخوة العرب لاسيما الإغلاق السعودي للنفط عن الغرب، والإيقاع بإسرائيل وزيفها ذات أسطورة «الدولة المعتدية قوة لا تقهر».. لتكون حرب 6 أكتوبر 1973.. يوم تحطيمها فيه فاجأت الجيوش العربية إسرائيل في ظل هذه الظروف الصعبة، أخذ أنور السادات القرار الشجاع والصائب ببدء حرب 73، وخطط بحكمة لغربلة المعادلة السياسية، وتهيئة المناخ لإجراء مفاوضات عربية - إسرائيلية، لتنتهي بإعادة الأراضي المصرية المحتلة، وبسلام عربي - إسرائيلي شامل، دون المساس بحق الشعب الفلسطيني.
وبعد 6 أيام من بدء الحرب، استغاثت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير بأميركا التي أقامت جسراً جوياً لإنقاذ حليفتها اليهودية بنقل أسلحة متطورة إلى إسرائيل، التي وقعت تحت الكارثة وفق وصف وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر «الكارثة» التي خاض قرار الحرب فيها الرئيس أنور السادات بشجاعة وحكمة على رغم أنف كل المضللين، تحت قيادة المشير أحمد إسماعيل، وأبو غزالة والشعب وراءهم يدعو الله بنصره في وقت شككوا فيه في قدرات الفراعنة أمام التفوق العسكري الإسرائيلي.. وانتهت الحرب رسمياً بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك، وإعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر، مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية نهاية مايو 1974، ثُم جاءت اتفاقية «كامب ديفيد» عام 1979، ووسيطها حينئذ وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر.
بالفعل كان فناً حربياً وعملاً عسكرياً مبدعاً هدفهُ الردع وبدء عملية سلام تفاوضية، مع إنهاء الغرور الإسرائيلي سياسياً، فتحية لأبطال مصر سياسيين وعسكريين ودبلوماسيين، ورحم الله شهداءنا البررة وتحية للشعب المصري النبيل في هذه الذكرى الخالدة التي شكلت المستقبل.