د. علي بن صالح الخبتي
كيف نجعل كبار السن أكثر صحة وسعادة، هو عنوان لدراسة أجراها معهد ماكينزي الصحي (MHI)، على 21 ألفا أعمارهم 51 سنة وأكبر من 21 دولة وناقشتها الين فيهان أحد قادة هذا المعهد في مكتبه في ولاية نيوجرزي بالولايات المتحدة الأمريكية التي تقول إن المعهد يتعدى تركيزه الصحة الجسدية ليشمل الصحة العقلية والاجتماعية والروحية. ويعرف المعهد الشيخوخة الصحية بأنها «التمتع «بالقدرة الوظيفية» المستمرة - أو القدرة على عيش الحياة اليومية دون ألم أو تعب». وتقول الدراسة إنه مع مرور الوقت تصبح بيئة الفرد ذات أهمية متزايدة لقدرة الفرد على أداء وظائفه، خاصة مع انخفاض القدرات البدنية أو العقلية أو الاجتماعية وتقول قد يتمتع شخص كبير السن يعاني من مرض مزمن ويعيش في بيئة داعمة بقدرة وظيفية أكبر من شخص يتمتع بصحة جيدة ولكنه معزول. وتقول الدراسة إن كبار السن يعتقدون أن هناك خمسة عوامل أكثر أهمية بالنسبة لصحتهم وقدراتهم الوظيفية هي:
1- وجود الهدف. 2- إدارة التوتر. 3- النشاط البدني. 4- التفاعل مع الآخرين. 5- المشاركة في أنشطة خارج المنزل وهذه العوامل تساعد على الحد من التوتر، والحركة، والتنشئة الاجتماعية (مثل العمل التطوعي، والتوظيف، والتعلم، أو المشاركة في البرامج المجتمعية).
وتؤكد الدراسة أن الأشخاص الذين يقومون بهذه الأشياء تكون صحتهم أعلى من أقرانهم الذين لا يفعلون ذلك بشكل عام. وتمضي الدراسة في التأكيد على أن كبار السن الذين ينشطون في مجتمعاتهم، على الرغم من أن مستويات المشاركة المختلفة لهم وبشكل كبير يرغب عدد كبير منهم في القيام بالمزيد وخصوصاً في مجال التوظيف الذي تقول الدراسة إن ما بين 19 إلى 25 بالمائة من المشاركين ذوي الدخل العالي الذين تبلغ أعمارهم 55 عامًا فما فوق إنهم لا يعملون على الرغم من رغبتهم في العمل. أما المشاركين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط فتعبر نسبة كبيرة تتراوح بين 84 % وبرروا الأسباب بسبب شعورهم بالرضا الشخصي والأسباب المالية والأسباب الصحية كعوامل رئيسية.
وفي بعض الدول مثل الهند والصين والبرازيل فإن الدافع الأساسي للعمل هو غير مالي.. وفي الولايات المتحد الأمريكية تقول الدراسة إن كبار السن الذين لا يتطوعون ولكنهم يريدون القيام بذلك يمكنهم المساهمة بـ 88 ساعة إضافية في المتوسط لكل شخص سنويًا ليصبح المجموع 8.7 مليار ساعة تطوعية سنويًا. وتخبرنا الدراسة أن عمل كبار السن له عائد اقتصادي مجزي بالإضافة إلى استفادة كبار السن من هذه البرامج .
فعلى سبيل المثال تؤكد الدراسة أن إعادة كبار السن الذين يرغبون في العمل ولكنهم لا يعملون إلى سوق العمل يمكن أن يضيف ما يصل إلى 1.7 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي السنوي الإضافي (أو ما يصل إلى 7.2 %).
كما تشير الدراسة إلى الاستفادة من علم كبار السن . فعلى سبيل المثال بدأت بعض المجتمعات في إيجاد طرق جديدة لمعالجة الشيخوخة من خلال البنية التحتية الاجتماعية والمادية والسياسية.
ففي هانوي، أنشأت منظمة HelpAge International غير الحكومية في فيتنام أكثر من 90 نادياً للمساعدة الذاتية بين الأجيال، حيث يجتمع كبار السن المحليون ويتخذون القرارات حول كيفية المساهمة في مجتمعاتهم المحلية بقيام أعضاء النادي بشكل جماعي بجمع الأموال للحفاظ على عمليات النادي الخاصة بهم، وقدموا قروضًا صغيرة لأكثر من 300 عضو، وساعدوا أفراد المجتمع المحلي في الحصول على خدمات الرعاية المنزلية.
ومن فوائد كبار السن ايضاً قيام أعضاء النوادي المماثلة العمل على الزيادة الكبيرة في وحدة المجتمع وتضامنه والحفاظ على الروابط الاجتماعية وإشراك كبار السن ومجتمعاتهم في العديد من الفعاليات.
وتقول الدراسة إن المشكلة في عدم الاستفادة من كبار السن تكمن في افتراض وجود تحديات عديدة مرتبطة بقدراتهم الوظيفية والتي توصي الدراسة بإعادة التفكير في هذا الأمر..
وخلاصة القول، كبار السن ثروة كبيرة في المجتمعات يجب استثمارها كما إشارة نتائج هذه الدراسة.. فمن خلال تقديم الخدمات لهم يمكن أن يتم مساهمة المسنين في مجتمعاتهم اقتصادياً واجتماعيا وثقافياً وسياسياً من خلال برامج علمية معدة إعدادً جيدا من قبل متخصصين.. واضيف إلى ما جاءت به الدراسة أنه يمكن الاستفادة من التجارب العالمية لبعض الدول التي لها تجارب ناجحة في هذا المجال.. وبهذا يتم تحويل المسنين من عبء على المجتمعات إلى ميزة يستفيد منها أي مجتمع.