عثمان بن حمد أباالخيل
شريحة من الناس الذين يحيطون بكل إنسان يعشقون الكلام، الكلام الكثير والتحدث في مواضيع كثيرة يهم المتلقي وغالبيتها لا تهم لكنهم يصرون على الكلام. مشكلة هي أن الكلام غير صحيح ولا وجود له إلا في أذهان تلك الشريحة من الناس، إنهم الثرثارون. الثرثرة هي كثرة الكلام، وهي داء ومرض خطير يصيب الناس رجالاً ونساءً على السواء. وفي الثرثرة خروج عن الحد المسموح به من الكلام، والأدهى والأمر أنهم لا يستمعون للغير بل لأنفسهم، وهناك من يثرثر فقط ليثبت أنه موجود عملاً بمبدأ «أنا أثرثر إذًا أنا موجود». وقرأنا عن شكسبير قوله «حياة يقودها عقلك، أفضل بكثير من حياة يقودها الثرثارون».
شخصيًا أرى أن الثرثرة داء ومرض مزمن، وليست مجرد عيب، فقد أصابت شرائح كثيرة من المجتمع وينطبق عليهم القول (نسمع جعجعة ولا نرى طحينا). نجد أنفسنا مضطرين للتحلي بالصبر تجاه تصرفاتهم وأحاديثهم غير المحببة لنا، واستعراضهم للكلام الكثير الممل. الطامة الكبرى أنهم متوهمون بالمعرفة، يعتقدون أن الناس بصبرهم عليهم مقتنعون بهم يعلمون أنهم يثرثرون لكن الثرثرة جزء من حضورهم بين الناس. تطورت عملية الثرثرة مع دخول التواصل الاجتماعي إلى عالم الثرثارين وتفننوا في استخدام الهاتف الثابت والجوال وبعض وسائل الإعلام التوتير والفيس بوك والواتس أب. فما هو الحل في إسكات أفواه هذه الشريحة المملة في حديثهم.
عالم النساء لهن جزء كبير من الثرثرة، البعض من النساء لديهن القدرة على ذلك. في دراسة سابقة توصلت باحثة بريطانية تدعى ديانا هيلز إلى أن المرأة تتكلم بمعدل 12 ألف كلمة يوميًا، مقابل ألف كلمة فقط للرجل. هل توافقون على ذلك؟ أم هي دراسة، شخصياً أوافق. هل لاحظتم في مجلس النساء الجميع يتكلمن ويفهمن ما يقال؟ أليست هذه ميزة يفتقدها بعض الرجال. بعض النساء كما هو الحال عند بعض الرجال يتكلون بهدف قولهم أنا هنا واسمعوا كلامي ولا يهمني كلامكم. أرى هذا هو حب الظهور والاستعراض من السمات العادية التي يصطنعها الإنسان دون وجود لجذور حقيقية تربطها بشخصياتهم.
وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم
بإخفاء شمس ضوؤها متكامل
الشاعر أبو العلاء المعري
يضايقني ذلك الإنسان الذي لا يترك حق الرد ويقاطعني دون أن يعرف ماذا أود أن أقول، هدفه يُسمع ولا يَسمع. هو يريد أن يحرجك أو يقوم بتقليل شأنك، إن كان كذلك أدر ظهرك ودعه يتحدث مع نفسه، والله أعلم إنه كذلك، فهو لا يهتم بالمشاعر التي لا يشعر بها. والآن أرى أن الإنسان الذي يسمع الآخرين يشعر بالنرجسية التي تغللت في داخله وأعمت عينيه. نصيحة لأولئك الذين يقعون في دائرة اهتمامك.. التوازن في الحديث والحوار مطلب لا يعرفه إلا الذين يثقون بأنفسهم. همسة: لا تملأ فمك بالثرثرة فتفقد الهيبة والاحترام.