رمضان جريدي العنزي
النبلاء الطيبون لديهم نزعة إنسانية عالية، يعطون ويمنحون ويساعدون المحتاجين والمساكين وأصحاب الحاجة والفاقة، يجبرونهم بعد انكسار، وينعشونهم كما ينعش المطر الأرض، يتميزون بمروءة فائقة، وإنسانية مغايرة، إنهم كالنهر الجاري الذي لا يتوقف، مصابيح مشعة لا تنفك أن تضيء مسارات ودروب الحياة للناس، قناديل متوهجة، وفنارات واضحة، عناوينهم واضحة في الحب والمودة والرقة والإيثار والعطاء والصدق والشفافية والوضوح والرجولة، يملكون القيم الإنسانية السامية، والثوابت الراسية، والمبادىء العالية.
هؤلاء النبلاء هم خير الناس لأنهم أنفع الناس، سيدنا موسى عليه السلام تحركت فيه عوامل النبل والشهامة والرجولة، عندما سقى للمرأتين وأدلى بدلوه بين دلاء الرجال حتى شربت ماشيتهما، قال تعالى فيه: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ *فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، عكس البخلاء الأنانيين أصحاب الخصال المكروهة، والصفات الذميمة، الذين يكنزون المال ولا ينفقونه في أوجه الخير ودروب البر والإحسان، الذين يشبهون الجراد قضماً للزرع والحصاد، لقد ذمهم الله في كتابه العزيز حيث قال تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}وقال تعالى:{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} وقال صلى الله عليه وسلم: (خصلتان لا يجتمعان في مؤمن، البخل وسوء الخلق).
إن ديننا الإسلامي يدعونا إلى أن نكون دائماً في أعلى صور النبل والشهامة والرجولة والإقدام، في كل تصرفاتنا وأعمالنا وتعاملنا، ويرفض رفضاً قاطعاً أن نكون من المتقهقرين والمتقوقعين العاجزين الواهنين الذين تنقصهم الشهامة وتعتريهم الدناءة، بالتأكيد سيفلح النبلاء لأنهم أهل شمم وشهامة وكرم وخصب، وسيخسر البخلاء لأنهم أهل بؤس وجفاف وضيق وجدب.