مها محمد الشريف
منذ احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية في عام 1967 وهي تتوسع في بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وعلى خلفية هذه الأحداث تظل مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتلك الجهود الإسرائيلية ما هي إلا الحصيلة المسؤولة عن الصراعات التي تحدث اليوم، وما خلفته في سلوك المستوطنين الإسرائيليين الذي لا يحجم عن اقتراف الإثم والكراهية، وبما أن هذا السلوك يظل ينطوي على أمور غاية في الخطورة، فإن حدة الغضب مضاعفة لوجود الضوضاء المتعالية في فضاء فلسطين.
وكما هو متوقع، استمرار حصار غزة أشعل فتيل الحرب فهو حصار يتصف بالجبن في الواقع، عندما فرضت إسرائيل حصاراً على قطاع غزة، ممَّا حجب شمس الحياة وأثر بشكل كبير في الحالة الاقتصادية والاجتماعية، وزاد من تعقيد الأوضاع أكثر فأكثر وهدد مصير ومصالح السكان.
وتأسيساً على هذه التصورات، فإن العالم شهودٌ على موقف المملكة من قضية فلسطين التي تعتبر من الثوابت الرئيسية لسياسة المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي بدأ من مؤتمر لندن عام 1935م، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، وذلك من منطلق إيمانها الصادق تجاه القضية الفلسطينية.
وصدر عن وزارة الخارجية البيان التالي: «بأن المملكة العربية السعودية تتابع عن كثب تطورات الأوضاع غير المسبوقة بين عددٍ من الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، مما نتج عنها ارتفاع مستوى العنف الدائر في عددٍ من الجبهات هناك. وتدعو المملكة للوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس». وتذكّر المملكة بتحذيراتها المتكررة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته، وتجدد المملكة دعوة المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته وتفعيل عملية سلمية ذات مصداقية تفضي إلى حل الدولتين بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة ويحمي المدنيين.
من خلال هذه السطور يتحدث الواقع عن الحقد العنصري المتعجرف ويعبر بصراحة عن مكنون ما في الصدور من معانٍ صاخبة تزيد الأمر سوءاً، حيث حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن كل مكان يوجد فيه حماس، سيتحول لساحة دمار، كما طالب الإسرائيليين بالصبر، قبل أن يتم تحقيق النصر الذي «سيترك صدى للأجيال المقبلة» مع كل ما تجره إسرائيل معها من مطامع إقليمية فهي تغرف حججاً انتقائية من تاريخ متحيز ومزور يجعل نتنياهو يردد بأنه سيغير الشرق الأوسط»، فما المقصود من هذا التغيير؟، علماً أن زعيمة حزب العمل الإسرائيلي، ميراف ميخائيلي قالت: «نتنياهو يشكل خطراً على إسرائيل الآن أكثر من أي وقت مضى».
يلوح بحرب «قاسية» لاستعادة صورة بلاده أمام العالم، وفي إقليمها بالشرق الأوسط ليس أكثر، فنتنياهو الذي يواجه واحدة من أكبر الأزمات في حياته السياسية الطويلة، وسط احتجاجات على محاولات حكومته تقييد صلاحيات المحكمة العليا في البلاد، ويرى معارضوه أنه يشكل خطراً على الديمقراطية الإسرائيلية، ومازالت المحاكمة الجنائية تحمل في ملفاتها العديد من التهم المنسوبة له مثل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وتخيم على إنجازاته السياسية.
إن هذا كله يدفعنا إلى أن نسأل: ما هو الوضع الذي آلت إليه هذه القضية الأزلية؟ يتعرض عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين إلى هاوية التهميش يدرجون في البيانات الإحصائية بلا اسم وبلا هوية، وتبقى هذه الحقيقة قائمة وضاربة جذورها في الأعماق، وعلى كل حال لن يكون للحديث بقية، كما هو الحال في جميع الأزمنة تنصب المرايا في كل حدب وصوب في فلسطين، وهناك من يعيق حركة الزمن فيمسك المنظار بالمقلوب، تأملات مستقاة من حياة معطوبة، فالأمر كما هو لن يتغير.
طالما صدر بيان أميركي بريطاني ألماني فرنسي إيطالي مشترك: «سندعم إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، فالديموقراطية في الغرب للأسف لا تستند إلى المفاهيم الحديثة لاحترام حقوق الإنسان أو إلى بنود القانون الدولي المنصوص عليه في الأمم المتحدة في علاقاتها بدول العالم الثالث، إلا بطريقة انتقائية وظرفية.