أ.د.عثمان بن صالح العامر
الناس في حب المكان ثلاثة:
- هناك من يطغى عقله على قلبه، فيلغي مشاعره، ويصفد عواطفه، ولا يتربط بالمكان إلا من خلال المعادلات الذهنية، والتفكير المنطقي، والأرقام الحسابية، لا يعرف الحيز من الأرض إلا من خلال لغة الحسابات المادية الصرفة.
- وآخر تسيطر عليه مكنونات قلبه فتتلاعب به دون أن يكترث بالعواقب ويحسب النتائج، فهو قد سلم الزمام لهذه المشاعر تسوقه كيفما شاءت، بعد أن ينزوي عقله، ويفقد صوابه، طبعا بإرادته وتحت سياط رغباته، وغالباً ما يكون هذا النوع من الناس ظاهرة صوتية، علاقته بالمكان علاقة سلبية، مجرد مشاعر باردة لا تقدم ولا تأخر (تسمع جعجعة ولا ترى طحناً).
- والثالث - الذي هو محل الحديث في مقال اليوم - يتمكن من الجمع بين العقل والقلب فيصبح عاشقاً حقيقياً للمكان، يتبع القول الفعل، وربما سبق الفعل القول، لا يكتفي بالقصائد والترانيم، والأحاديث والأقاويل، بل يمزجها مزجاً سامياً مع الأفعال والمنجزات، والأعمال الصالحات، ولا أعرف محباً لحائل ( المكان) استطاع أن يكون هذا التوازن الصعب والامتزاج الشاق مثل صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز أمير منطقة حائل، الذي لم يكتف بتحقيق معادلة الذات هذه، بل تجاوز بعشقه العقلاني المستقر بين حناياه (المكان) الذي أبدع في وصفه حين قال: (حائل قد تكون هي الوحيدة على وجه الأرض التي لا تحتاج مرأة لكي تتجمل، هي جميلة، الله خالقها جميلة، فالحمد لله) ليترنم باللهجة الحائلية التي سارت بالكلمات التي تفوه بها الركبان، ويراهن في ذات الوقت على إنسان المنطقة ويشيد بجهوده ويقف معه ويأنس بالحديث إليه ويشعر كل واحد يقطن الجبلين أن له مستقرا في فؤاده لا يوازيه فيه أحد ولا يسكن معه آخر. ولذا لا عجب أن يكون له في قلوب الحائليين مستقر، ولا غرابة أن تجد له في النفوس وطنا.
- الجميل في الموضوع أن هذه المحبة العميقة من لدن مقام سمو أمير المنطقة فاضت لغيره، فصار كل من حوله متأثراً به متفاعلاً مع جهوده الرامية لجعل حائل الأجمل فتحقق في سنوات لا تعد على أصابع اليد الواحدة ما لم يتحقق في سنوات عدة، ولم يكن ذلك ليكون لولا توفيق الله عز وجل، ثم الدعم المادي والمعنوي من لدن قيادتنا الحكيمة التي تولي المشاريع التنموية جل اهتمامه وتحفز وتشجع القطاع الخاص ليكون شريكاً فعلياً في صناعة الأجمل، في ظل رؤية المملكة 2030، وبتكاتف الجميع، ومد جسور التواصل بكل الوسائل وبجميع الأساليب مع المجتمع المحلي، وتسهيل كل السبل أمام المستثمر الجاد للمشاركة الفعلية في تحقيق هذا الهدف العزيز ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.