أحمد المغلوث
مدينة غزة المنكوبة والتي بات اسمها يتردد هذه الأيام في كل مكان في العالم وعلى كل لسان بعدما تعرضت وما زالت لهجمات شرسة من خلال آلة الحرب الإسرائيلية التي ساوت بمئات من أبراجها السكنية بالأرض، بل بعضها كان بداخل المئات من أسر المدينة. وغزة المنكوبة تعتبر من أقدم المدن الفلسيطنية ولها أهميتها كموقع متميز، حيث تقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وهذه المدينة التي أسسها «الكنعانيون» الذين قدموا إليها من شرق الجزيرة العربية من «الجرها» في القرن الخامس قبل الميلاد كما تشير إلى ذلك الموسوعات التاريخية وعبر التاريخ احتلها العديد من الغزاة كالفرانة والإغريق والرومان والبيزنطيين والعثمانيون وبعدهم الإنجليز وعام 635م دخل المسلمون العرب المدينة وباتت مركزاً إسلامياً مشعاً ومهماً في شمال جزيرة العرب. وفي التاريخ المعاصر سقطت المدينة أيدي القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية وباتت بعد ذلك جزءاً من الانتداب البريطاني على فلسطين تولت مصر إدارة قطاع غزة.. وفي هذه الحقبة تطورت غزة وازدهرت فيها العديد النشاطات الاقتصادية، وفي عام عام «النكسة 1967م احتلت إسرائيل المدينة وبعد اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993م وبموجب اتفاق «غزة أريحا» عام 1994م انتقلت السلطة للمدينة إلى سلطة الحكم الذاتي، وبعد انتخابات عام 2006م نشب قتال بين حركة فتح وحركة المقاومة «حماس» وكما هو معروف رفضت حركة فتح نقل السلطة في غزة إلى حركة «حماس» ومنذ ذلك التاريخ وقعت المدينة تحت السيطرة والحصار من قبل إسرائيل ومصر بعد الثورة المصرية عام 2011م، حيث فتحت مصر معبر «رفح» من أجل التخفيف والتسهيل على أهل غزة.. وتجدر الإشارة إلى أن المدينة تنشط فيها أنواع مختلفة من الصناعات الحرفية المتميزة وكذلك المنتجات الزراعية. وبحكم الحصار الإسرائيلي عانى أهلها الكثير جنباً إلى جنب مع الصراعات المتكررة. وخلال السنوات ومع تزايد عدد السكان كانت تواجههم متاعب عديدة خاصة لمحدودية فرص العمل، فقطاع غزة يعد من أكثر مناطق العالم كثافة في أعداد السكان، حيث يعيش فيه حوالي 2.3 مليون فلسطيني في مساحة طولها 41 كلم ويعتمد
80 % من سكانها على المساعدات الدولية بحسب الأمم المتحدة. واليوم والعالم يشاهد بحزن ومرارة حد البكاء معاناة أهلها الذين تقطعت بهم السبل وبات الآلاف من بيوتهم ركاماً من الأحجار والتراب بعدما كانت شامخة تنبض بالحياة لقد نقلت كاميرات القنوات العربية والعالمية بثاً مباشراً للقصف الإسرائيلي الذي كان يواصل همجيته ووحشيته طوال ساعات الليل والنهار وأمام أنظار ملايين المشاهدين في مختلف دول العالم بلا حرمة لإنسانية سكانها أكانوا كباراً أم أطفالاً. وكم بكى الآلاف من المشاهدين وهم يشاهدون القصف المباشر والأبراج السكنية والبيوت وهي تتهاوى على رؤوس سكانها العزّل وسط صراخ المشاهدين أمام شاشات التلفزيون أو أجهزة الهاتف، لقد هزّت صور «غزة « المنكوبة ضمائر وقلوب الملايين فخرجت المظاهرات في كبرى مدن العالم منددة وباكية وهم يحملون أعلام فلسطين ولقطات من صور الهمجية الإسرائيلية من ضحايا سكان غزة وكيف فعلت بهم وحشية الاحتلال، فشرّدتهم من بيوتهم، بل أمرتهم بالرحيل عن المدينة بحجج واهية وغير منطقية فلا داعي للقصف، فهناك حلول لمعالجة كل الأمور. ولكن اتخاذ القرارات من قبل إدارة «الحرب» العجيبة التي تهدّد وتتوعّد سكانها بالويل.الذين باتوا في العراء بعيداً عن الحياة الكريمة، بل لاحقتهم خلال رحيلهم إلى رفح صواريخ الغوغائية والوحشية الإسرائيلية فحصدتهم في عرباتهم. ووثقت ذلك كاميرات الإعلام العالمي.. و ها هي قيادتنا وحكومتنا الرشيدة تعمل جاهدة ومن خلال توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ومن خلال اتصالاته وتعليماته. ورفض المملكة لدعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني وهذا ما قام به صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية ولقاءاته المختلفة مع العديد من وزراء الخارجية في العالم وكذلك عن إدانته لاستهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال.. وماذا بعد وكما أشار سمو وزير الخارجية أن الحوار هو المسار الوحيد لإيجاد حل سياسي عادل وشامل للنزاع وأن على الجميع أن يضطلع بمسؤولياته لوقف العنف والدفع بعملية السلام وفقاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية, قلوبنا مع غزة المنكوبة.