الرياض - واس:
أصدرت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة كتاباً حديثاً بعنوان «المملكة العربية السعودية في ضوء كتب الرحلات الهندية» من تأليف صهيب عالم، وصدر الكتاب عن قسم النشر والترجمة بالمكتبة، في طبعته الأولى 2023م.
ويتناول الكتاب الذي يقع في (580) صفحة من القطع المتوسط، كتب الرحلات التي ألفها علماء وباحثون ورحالة هنود عن رحلاتهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وشبه الجزيرة العربية، حيث يعود أقدم هذه الكتب إلى عام 1593م، فيما يشير المؤلف إلى صدور 112 كتاباً للرحلات في عدة لغات متداولة بشبه القارة الهندية.
ويبرز الكتاب أن المملكة العربية السعودية عامة ومكة المكرمة والمدينة المنورة خاصة لها مكانة سامية لدى المسلمين الهنود، فقد زارها العلماء والأدباء والشعراء والمثقفون والسياسيون، ودوّنوا كل ما شاهدوه فيها في يومياتهم، وكتب رحلاتهم التي لم يتركوا أي تفصيل دقيق إلا ذكروه فيها عن المملكة، وجغرافيتها، وسياستها، ومجتمعها، وعاداتها، وتقاليدها، وثقافتها، وشعبها، ومكتباتها الحكومية والشخصية، وتحدثوا أيضاً عن حلقات الشيوخ ومجالسهم العلمية في الحرمين الشريفين.
وسطر العلماء والأدباء والباحثون الهنود عن المملكة – فيما تشير مقدمة الكتاب – إلى كمّ هائل من المعلومات والمشاهدات لا يستهان بها في الهند باللغات العربية والأردية والإنجليزية والهندية والبنغالية والمليبارية والكوجراتية وغيرها، وهذه الكتابات موجودة في المراكز والمعاهد والمؤسسات والمطابع والمكتبات والأرشفة المختلفة في جميع أنحاء الهند.
وقد حدد الكتاب الفترة ما بين (1902م - 1953م) موضوعًا للدراسة، وهي الفترة التي تعد نقطة التحول في تاريخ المملكة العربية السعودية والتي بذل خلالها الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- جهودًا مضنية في سبيل توحيد المملكة ما بين عامي 1902- 1932م، وتتوقف الدراسة عند عام 1953م وهو العام الذي توفي فيه الملك عبدالعزيز.
وفي هذه الفترة سجل الرحالة الهنود كل مشاهدهم وانطباعاتهم حول الأوضاع السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية عن المملكة، وقد يصل عدد كتب رحلاتهم التي ألفت خلال هذه الفترة (112) رحلة، حيث تعد مصدرًا مهمًا لفهم أوضاع المملكة آنذاك، ودور الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – في تطوير المملكة وتنميتها وازدهارها واهتمامه بتنظيماتها الإدارية، وخدمة الحجاج، وتوفير كل التسهيلات لهم، ويضم الكتاب ببليوجرافيا تتضمن (128) عنوانًا من كتب الرحلات، كما يتضمن ملحقًا بالصور والخرائط والرسومات تغطي المرحلة الزمنية ما بين 1902-1953م.
ودون العلماء والأدباء والصحفيون الهنود كل ما شاهدوه خلال رحلاتهم للحج، وتتبوأ رحلة حج الشيخ عبدالحق المحدث الدهلوي «جذب القلوب إلى ديار المحبوب» 1593م مكان الصدارة بين رحلات الحج في الهند، فهي أقدم الرحلات المتاحة في شبه القارة الهندية، والرحلة الثانية هي «فيوض الحرمين» باللغة العربية للشاه ولي الله المحدث الدهلوي الذي أدى مناسك الحج في عام 1731م، وهناك رحلة «سوانح الحرمين» للشيخ رفيع الدين الفاروقي، كما دونت بعض النساء رحلاتهن ومنهن: النواب سكندر بيغم حاكمة إمارة بوفال التي سافرت في عام 1864م ودونت أحوال سفرها باللغة الأردية.
ومن أبرز كتب رحلات الحج التي صدرت في القرن العشرين «مرآة العرب» لنادر علي، و»السفر اللطيف إلى بيت الله الشريف» لمحمد لطيف المشلي شهري، و»روضة الرياحين» لسلطان جهان بيكم و»زيارة الحرمين الشريفين» لمحمد محيي الدين حسين و»رفيق الحجاج» لنور حسين صابر، و»تاريخ الحرمين» للقاضي محمد سليمان المنصوربوري، و»الفوز العظيم» لحبيب الرحمن خان الشيرواني، وغيرها من الكتب والرحلات.
ويتضمن الكتاب سوى المقدمة، سبعة أبواب تناول فيها المؤلف: العلاقات السعودية الهندية، والأوضاع الاجتماعية في المملكة من خلال كتب الرحلات، والأوضاع الثقافية، من حيث الحلقات العلمية في الحرمين الشريفين، والمدارس في مكة المكرمة، ودار الحديث، ومدرسة الفلاح، ودار الأرقم، والمدارس في الرياض والعزيزية والطائف ومكتبة حسن الشنقيطي، ومكتبة الشيخ محمد نصيف، وصحيفة البلاد السعودية، وجريدة أم القرى، والعادات الرمضانية والعادات الاجتماعية، مشيرًا إلى عدد كبير من الشخصيات الثقافية السعودية، كما يتناول الكتاب الأوضاع الاقتصادية، والشؤون التنظيمية والإدارية، والأوضاع السياسية، وانطباعات الرحالة الهنود عن الملك عبدالعزيز رحمه الله.
ويرى المؤلف أن العلاقات الهندية العربية ضاربة في عمق التاريخ، وكانت هناك طرق تجارية بين العرب والهند، إلا أن العلاقات الرسمية بين المملكة والهند بدأت في عام 1948م ويبرز الكتاب العلاقات الاقتصادية بين المملكة والهند خاصة العلاقات التجارية واستيراد الخيول من شبه الجزيرة العربية، عبر موانئ سورات وكامباي وكوتش ولاهوري بندر، مشيرًا إلى عدد كبير من التجار السعوديين مثل عائلة البسام، وعائلة عبدالله السليمان والعرفج والتميمي والمهنا والمزروع، بالإضافة إلى إشارته لعدد كبير من التجار الهنود حيث راجت تجارة الخيول والتوابل وغيرها من السلع، كما أن العلاقات الثقافية شهدت ازدهارًا مطردًا بين البلدين في مختلف مجالات المعرفة.