أ. د.عبد العزيز بن محمد الفيصل
لِتَهْنِئْكَ ذكرى البيعة أيها الملك العادل، يزفها إليك شعب وفيٌّ عرف فيكم العدل وإسداء المعروف لأهله، لقد أمنتم البلاد والعباد فرب الأسرة في مأمن على أطفاله ونسائه والمسافر في مأمن في طريقه والتاجر مطمئن على سير تجارته والمزارع في دعة ورخاء في مزرعته، إن الأمن لا يشترى بثمن زهيد وإنما يدفع ثمنه الرجال الأقوياء بهيبتهم وشجاعتهم ومكانتهم الاجتماعية، إن من يمر بحوامي المدن والقرى ويشاهد الأسوار العالية التي أطلقوا عليها الحوامي وواحدها حامي؛ إن من يمر بها ويشاهدها ليعرف مقدار المعاناة في حماية البلدة أو المدينة التي فيها أطفالهم ونساؤهم وعيشهم وإبلهم وأبقارهم وأغنامهم، وبالإضافة إلى الحوامي فهناك الأبواب المغلقة التي يحرسها رجال أقوياء بالإضافة إلى المرقب وهو برج يبنى على جبل يشرف على البلدة ويرابط فيه رجل حاد البصر ومهمته مراقبة اللصوص والأعداء فإذا شاهد ما يريب أمال رايته باتجاه الأعداء فيخرج أهل البلد لتأمين البلدة وصد المهاجمين أو الطامعين في النهب والسلب، إن الأمن هو باب الرخاء المفتوح فلا تستقيم تجارة من دونه لأن السبل لن تسلك ولا تستقيم عبادة من دونه فالحج في حاجة ماسة للأمن، والزراعة التي هي عماد العيش سينالها العبث، فإذا قلت إن الملك سلمان أَمَّن البلاد والعباد فإنما أقول الحق وإسداء الشكر لمن يستحقه وهو الملك المبجل سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين وصاحب اليد الطولى في حماية بلده ومن يقطنها ومن يقصدها حاجاً أو معتمراً أو زائراً أو سائحاً، فالمملكة بلد الأمن تسابقت إليها الشركات لما تتمتع به من الأمن فالتاجر أهم ما يطمح إليه تأمين تجارته والأمن يتوافر في مملكة سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله وأدام عمره-.
لقد عانت الدولة السعودية من استهداف الأمن، ألم يسعَ المخربون إلى سد مجرى عين زبيدة في يوم عرفة؟ ألم يسعَ الناقمون إلى إشعال الحرائق في طريق الحجاج إلى المسجد الحرام، لقد دأب المتربصون على استغلال أي ثغرة تخدم أهدافهم الشريرة فسمموا الأنفاق في منى وفجروا العبوات في المباني بل إن بعض اللصوص قطعوا الطريق من أجل نهب ما مع المسافر من مال، لم تغب عنا تلك الأحداث فيمكن أن يجري مثلها لولا يقظة الملك سلمان ورجاله، ثم إن صيانة الدولة في حدودها البرية والبحرية وجزرها وأجوائها ومطاراتها تحت مجهر الملك سلمان يرعاها ويشرف عليها ليل نهار، ولم يشغل الأمن مع أهميته عن خدمة المواطن في صحته وتعليمه ومعيشته فلما حل وباء كورونا عالجته الدولة بمهارة وحكمة فكانت الوفيات قليلة ومكافحة المرض على قدم وساق حيث تقاطر الناس إلى المستشفيات لأخذ المضادات والمهدئات فهدأت النفوس وخف الرعب عن المرض وقد كان لحجز الناس في بيوتهم وعدم اختلاطهم ببعضهم في المدارس والمساجد والأسواق والنوادي أثر كبير في عدم انتشار المرض وحصره في أضيق نطاق، والتعليم صنو الصحة في اهتمامات الملك سلمان فأبواب التعليم مفتوحة ولم توصد عن طالب علم، فالتعليم العام تقبل من الآخرين ما يرى فيه النفع فتوسعت مجالات التقنية والإبداع مما هيأ لأبنائنا وبناتنا المشاركات الفاعلة على مستوى العالم فشاركوا الآخرين ونافسوهم وتقدموا على بعضهم ممن كان لهم التقدم والظهور على غيرهم، ثم إن الجامعات أصبحت تنافس جامعات العالم وتتقدم في التصنيف سنة بعد خرى، ومعيشة الإنسان السعودي من أولويات الملك سلمان فالعيش عماد الحياة ولذلك توافر الأرز والطحين في المتاجر مما هيأ للمخابز والمطاعم ما تحتاج إليه فلم يشهد الناس نقصاً في الخبز أو الوجبات التي تعدها المطاعم والمطابخ ثم إن أسواق الماشية تتوافر فيها الأعداد اللازمة لحاجة المواطن حتى إن أعدادها تزداد في أيام الأضاحي وأيام منى، ومن اهتماماته حفظه الله تكوين الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض فبرز قلب الرياض من جديد وفتحت فيه الأسواق الحديثة المحيطة بالمسجد الجامع وقصر الحكم، وامتد التطوير إلى قصر الملك عبدالعزيز في المربع حيث تم ترميمه وأنشئت بجانبه دارة الملك عبدالعزيز التي حفظت تراث الملك عبدالعزيز وتراث المملكة عامة، وفلسطين لم تغب عن رؤية الملك سلمان فهو حفظه الله مع فلسطين والفلسطينيين في أمسه وفي يومه احاضر يؤازر ويشرف على جمع التبرعات، وبما أن الملك سلمان خادم الحرمين الشريفين فالحج والعمرة هما همه على مدار العام فخدمة المسلمين المتمثلة في تسهيل أداء الحج والعمرة للمسلمين في أنحاء العالم تستدعي الاهتمام بالمطارات والطرق التي يسلكها الحجاج ومنها طرق المشاعر في منى وعرفة ومزدلفة ومنها الطريق الرابط ما بين مكة والمدينة، وخدمة الحجاج في مكة والمشاعر والمدينة تشمل توفير الماء والعيش والمواصلات والاتصالات، فالحاج اليوم يتصل ببلده من مكة والمدينة وإن كان بلده في أقصى شمال الأرض أو أقصى جنوبها أو أقصى شرقها أو أقصى غربها، إن الاستعداد للحج في كل عام نفير شامل لمؤسسات الدولة، ومن اهتمامات الملك سلمان نفع الآخرين فلا يسمع بكارثة أصابت الإنسانية من زلزال أو سيول جارفة أو مرض أو قحط وانقطاع المطر إلا وأمره يسبق الأضرار التي أصابت تلك البقعة عن الأرض فتصلهم المعونات من عيش وفرش وأدوات العلاج، ولا ننسى استجابة المملكة لتفريج كربة أصحاب الأمراض والعاهات فكم من توأم متلاصق أنقذهما جراحو المملكة بمهارتهم فأشرقت السعادة في وجه الأم ثم في وجه الأب علاوة على حرية الطفلين في الحركة واستقلالية كل منهما. إنها فرحة زفتها المملكة لكثير من الأسر في أنحاء العالم.
ثم ماذا أقول عن صاحب الذكرى العطرة الملك سلمان بن عبدالعزيز هل أذكر شيئاً من أقواله التي تناقلها الناس نعم: إن تلك العبارات تستحق الإشادة والذكر من مثل قوله:
الرياض برزت مدينة وخلف ذلك عمل رجال، وقوله: إننا نسعى إلى التحديث الذي يخدم البلاد، وقوله: الدولة تقول للمواطن اعمل والدولة معك، فالوطن بحاجة إلى كل يد عاملة تعمل في بنائه، وقوله: المملكة لديها مسؤوليات تجاه العالم العربي والإسلامي، فالمملكة خادمة الحرمين الشريفين، وقوله: الكلمة سلاح خطير إما للخير أو للشر.
هذه العبارات لها قاعدة ثقافية وقاعدة معرفية وقاعدة شرعية، فالعبارة لا تنقل إلا من أجل دلالتها ثم إن عبارات الملوك تسير على كل لسان فتحفظ وتؤثر.
حفظ الله الملك سلمان ومنحه الصحة والعافية.
في 1445/4/3هـ