د.عبدالعزيز بن سعود العمر
لا جدال أن التعليم متى ما كان نوعيا في جودته فسوف يؤسس لمستوى راق من الحياة، وفي هذا الشأن كان التربوي الفذ جون ديوي أول من أدخل مفاهيم جديدة في التعليم مثل (ديموقراطية) التعليم و(الليبرالية) في التعليم. الليبرالية في التعليم (liberal education) هي فلسفة حياة شاملة تعطي قيمة مركزية عليا للحرية الفردية، وهي فلسفة تمارس وتطبق اليوم في جوانب مختلفة من حياة أغلب المجتمعات الإنسانية المتحضرة، الليبرالية في جانبها السياسي تؤكد حماية حقوق الأفراد، والمساواة بين الناس أمام القانون، وفصل وتوازن السلطات الثلاث، وتعزيز قيم ومبادئ الديموقراطية، وحفظ حقوق الأقليات، وتخفيض القبضة المركزية الإدارية التعليمية.
وهناك أيضاً الليبرالية الاقتصادية، وهي فلسفة تؤكد حرية السوق، وحق الملكية الفردية، وحرية التجارة، وتمنح القطاع الخاص مساحة أكبر. أما في الجانب الاجتماعي فقد ظهرت في التعليم الليبرالية الاجتماعية، وتمثلت في تعزيز قيام مؤسسات المجتمع المدني، والتأكيد على قيم جوهرية مثل حرية المعتقد، والتسامح وتساوي الحقوق الناس في حقوقهم المدنية، ونبذ العنصرية.
أما في عالم التربية فقد برزت الليبرالية كإحدى الفلسفات التي شكلت قيما ومبادئ وممارسات التعليم في العقود الأخيرة. خصوصاً في مرحلة التعليم الجامعي، الليبرالية التعليمية تعد الطالب لعالم يتزايد تعقيداً وتغيراً وتنوعاً، وتمنحه مساحة من الحرية ليختار ما يتعلمه وكيف يتعلمه ومع من يتعلمه، وتحترم كينونته ومشاعره كإنسان له ميوله ورغباته الشخصية.
في التعليم التقليدي يتم إعداد الطالب وتدريبه على تأدية مهارات معينة ليسد فراغات محددة في سوق العمل، أما في التعليم الليبرالي (Liberal Education) فيتم تحرير عقل المتعلم من مجرد سيطرة هذه المهارات العملية التدريبية المتمثلة في الإنتاج المهاري اليدوي المبرمج ليتم إطلاق العنان لملكاته وقدراته النقدية التحليلية التواصلية التخيلية العليا في فضاء أوسع وفي مناخ من الحرية، يتعزز ذلك من خلال دراسة الطالب لمقررات مثل الفلسفة والمنطق والرياضيات واللغة والفنون التي تطلق العنان لخيال المتعلم ولتفكيره ليستطيع مواجهة كل ما يستجد من متغيرات في حياته الشخصية والمهنية.