سهوب بغدادي
هل تساءلت عزيزي القارئ يومًا عن اختلاف لمعة الألماس في محل المجوهرات والمنزل؟ نعم، إن الإضاءة تلعب دور حقًا، وليس فقط المجوهرات بل في أغلب المنتجات كالأثاث والطعام ومساحيق التجميل وما إليه، لنعود إلى الألماس هدفي أن أظهر بداية أهمية الإضاءة وهي عامل مكمل لعملية أكبر ضمن منظومة متكاملة، والأمر الآخر، أن الألماسة تتكون بعد تعرضها لظروف صعبة من الضغط والحرارة فتصقل وتلمع لنا برونقها الأخاذ كمحصلة نهائية، بلا شك، أن كل الألماس يلمع وأخاذ، ولكن كل ألماسة بحد ذاتها مميزة عن نظيراتها، ولن تأتي ألماسة تشابه الأخرى في قصتها أو درجة نقاوتها أو حتى مكان استخراجها من كينونتها، وهذا هو حال الإنسان الرائع والمتفرد، كيف أصبح على ما هو عليه، هل هي الظروف؟ ربما التجارب أو الصعوبات أو أكثر من ذلك، لا نعرف يقينًا العوامل، ولكن قد يتداخل بعضها أو كلها في تكوين ذاك المتميز في أدائه وأخلاقه وتعامله وشخصيته، فعلًا هناك عابرون، وهناك أشخاص يعبرون فتأبى النفس أن تفارقهم لنتعلم منهم وننهل من مسيرتهم ونحذو حذوهم، ففي غمار الحياة، قد نختار مجالًا دراسيًا لا نحبه كثيرًا وقد نعمل في مجال يشعرنا بالروتين والضجر الضاريين، وقد يظن الشخص أن قصته انتهت هنا وستبقى كهوة مفرغة، ولكن ليس بالضرورة فهناك أمل، وطريقة بأن تكون لك هوية مختلفة عن تلك التي رسمت لك أكاديميًا ومهنيًا، ومن خلال القصة القادمة نستشف المفهوم -بإذن الله- لفتتني قصة الأستاذ أسامة الشهري الذي يعمل كمحاسب لدى إحدى الشركات، إن التعامل مع الأرقام والحسابات أمر رتيب وممل ومكرر وسيتكرر للأبد، إلا أن شغف أسامة في الطبخ ورغبته في إطلاق قناته الخاصة على اليوتيوب دفعه لتعلم مكونات صنع الفيديو، ورغب بتعلم فن الإضاءة تحديدًا ليبرز عمل يده بشكل بديع-على غرار الألماسة في محل المجوهرات- لذا انضم إلى برنامج من الفكرة إلى الخشبة الذي رعته هيئة المسرح والفنون الأدائية وشمل مكونات عديدة لصناعة الفن والعرض المسرحي كالمكياج والأزياء والديكور وهندسة الصوت، وأخيرًا الإضاءة، بعدها انضم إلى مبادرة العمل والتعلم ومن خلاها تم استقطابه للعمل في مسرحية معلقاتنا امتداد أمجاد وهي المسرحية الغنائية التي عُرضت في 22 فبراير 2023 تزامنًا مع يوم التأسيس، وكانت فكرة وإشراف الأمير عبد الرحمن بن مساعد، وشارك فيها مجموعة من الشعراء والفنانين، إذ عمل أسامة بكل سعادة في الإضاءوأتيحت له فرصة العمل مع أشخاص مختصين ومحترفين في «برودوي» وألمبياد لندن 2012، خلال عام واحد فقط، استمر في عمله كمحاسب واكتسب الخبرات الجديدة التي أضفت على حياته معنى آخر، الجدير بالذكر أن أسامة يعمل حاليًا في العروض الأرجنتينية المقامة على مسرح مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بالرياض، ضمن 9 عروض منوعة، فإن كانت سنة كفيلة بتغيير الكثير، الكثير ليس مجرد أنشطة وعمل واهتمام وشغف، بل تغيير شامل في دائرة المعارف والأصدقاء، لا بأس في تخبط الشخص في بداية حياته واقتحامه تجارب ومجالات غير مألوفة، قد يظن من حولك أنك مشتت ولا تعرف ما تريد وشخص بدون توجه ورؤية جلية، ولكن وحدك أنت من يعرف أنه بمأمن من براثن الروتين والرتابة التي تعتصر جنبات حياتك، وتوشك أن تودي بما تبقى من بصيص شغفك، فليس كل ما تراه حقيقة مطلقة، قد تحمل الصورة النقيض من وجهة نظر الآخرين، ولا يوجد ثوب مفصل على الجميع، وإن كانوا في نفس المجال، فمسارك خاص بك ومصمم لك وحدك بشكل فريد، لتضيء ألمع محطات حياتك، لا بأس في قليل من العتمة فعتمتك ستوصلك إلى الضياء.