ليلى أمين السيف
الشيء الجميل بهذه البلاد الباردة أن فقيرهم وغنيهم يشبهون بعضهم البعض أو هكذا يبدو لنا للوهلة الأولى,
يتميز السويديون بأنهم يحبون التغيير ولكن لا مانع لديهم من التبرع بالقديم مما يمتلكونه من أثاث وملابس وغيره وشراء المستعمل منه والذي يكون بحالة ممتازة تقريباً إن لم يكن جديداً.
رأيت إعلاناً لشواية على صفحات الفيس بوك فقررت شراءها خاصة وأن صديقتي ذكرى أعربت عن رغبتها في جلسة شواء تجمعنا مع صغارها وزوجي وصديقة أخرى لنا.
رفض المعلن الإفصاح عن هويته ولكنه أعطاني العنوان.
قال لي زوجي يبدو أن له غرضاً, قلت له هنا في السويد لا يمكن أن يؤذيك أحدهم إلا برغبتك فلا تخشى شيئاً
اتفقت أنا والمعلن الذي لا أعرف جنسه أو عمره على الذهاب لبيته الذي يبعد عني مسافة ساعة وتزيد لأنني سأغير باصين.
وكان عندي درس يومها والفاصل الزمني بين موعدي معه وانتهاء دوامي الدراسي حوالي ثلاث ساعات فعزمتني صديقتي فاطمة عندها على الغذاء وشاهدنا فيلماً ثم ذهبت لموعدي ومن باص لآخر يا قلبي لا تحزن.
وصلت للمكان المفترض واتصل بي المعلن الذي أخيراً تكرم علي وأعطاني رقمه وأعطاني الموقع بالتحديد.. ولكن علق جوالي.. فجوالي كعادته يخذلني دائماً في مواقف كهذه وكأنه يقول لي ارحميني وهاتي غيري.
المهم لم أعرف أين هو الغرب من الشرق عن يميني أم شمالي وصاحبنا المعلن طلع شاباً أقل من العشرين عاماً وبالصدفة وجدت زوجين يمارسان رياضة المشي فاستنجدت بهما أن يحادثاه علهم يعرفان الموقع جيداً.
الحمد لله إنهما عرفا وحاولا إرشادي فلم أفهم وقد كنت منهكة فعرضا علي أن يتمشيا معي للبيت المعني فهما يمارسان رياضة المشي وقد قطعا خمسة آلاف خطوة ومتبقٍ لهما الكثير.
على كل حال أخبراني أنهما مسلمان من البوسنة ومتقاعدان وأخبرتهم عني وصلنا إلى البيت المنشود وكانت الأم الجميلة تنتظر أمام فيلتها الحلوة وبيدها كرتونٌ صغيرٌ بنصف حجم كرتون الحذاء الرياضي مشيرة أنه الشواية
تجمدت الدموع في عيناي. قطعت كل هذه المسافة وانتظرت في هذا البرد من أجل هذه الشواية.
قلت لها لماذا لم يعطني ولدك أبعادها أو يكتبها في إعلانه ووضحت لها من أين قدمت وأين أسكن وحقيقة لم يصمت الزوجان البوسنيان وحدثاها بالسويدية وجدتها تقول لي خذيها هدية مني رفضت ذلك وشكرتها على لطفها
ولكن الرجل البوسني وخزني من كتفي وقال لها شكراً..
وأخذها وأعطاني لها وعادا معي لموقف الباص وتبادلنا أرقام جوالاتنا مع وعد منه بإهدائي شواية كبيرة تليق بضيوفي الذين عزمتهم على حفلة الشواء بهذه الشواية التي بالكاد تتسع لحبتين من النقانق.