سارا القرني
مع ازدياد الاهتمام بالطاقة المستدامة وتحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي والحفاظ على البيئة، أصبح البحث عن مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة أمرًا ضروريًا. ومن بين هذه المصادر الواعدة.. يعبّر الهيدروجين الأخضر عن مفتاح لمستقبل الطاقة المستدامة.
الهيدروجين الأخضر هو الهيدروجين المنتج بواسطة استخدام الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، وفي عملية تحليل الماء بواسطة الكهرباء، وتعد المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في مشروعات الهيدروجين الأخضر، حيث تستفيد من الشواطئ الطويلة والموارد الشمسية الوفيرة، مع الاستثمار في تكنولوجيا الهيدروجين وتطوير البنية التحتية اللازمة.
أهمية الهيدروجين الأخضر تكمن في قدرته على توفير وسيلة طاقة نظيفة وفعَّالة، حيث لا يلزم معه استخدام الوقود الأحفوري وبالتالي لا تنبعث منه غازات الاحتباس الحراري والانبعاثات الكربونية الضارة، وهذا يعني أن استخدام الهيدروجين الأخضر يساهم في الحد من التلوث البيئي وتقليل آثار تغير المناخ.
بالإضافة إلى ذلك، يتميز الهيدروجين الأخضر بقابلية تخزينه ونقله بسهولة، مما يجعله مصدرًا مثاليًا لتوليد الكهرباء وتشغيل مركبات الوقود الخلوية، وتتيح هذه الخاصية اعتماده في القطاعات الصناعية المختلفة، مثل النقل والإنتاج الصناعي وتوليد الكهرباء، وتتيح فرصًا اقتصادية جديدة.
تلعب المملكة العربية السعودية دورًا حيويًا في تعزيز استخدام الهيدروجين الأخضر، حيث تهدف إلى تصدير 2.9 مليون طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030م، منها 600 طن سينتجه يومياً مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر الذي بيع إنتاجه بالكامل لمدة 30 سنة!
ولا تقف الأرقام عند هذا الحد.. بل تستهدف المملكة وصولها إلى إنتاج 4 ملايين طن بحلول عام 2035م، حيث تستثمر السعودية بشكل كبير في تكنولوجيا الهيدروجين وتعمل على تطوير مشاريع تعاون دولي في هذا المجال.
باستمرار تطور تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر واعتماده على نطاق واسع، ستساهم المملكة العربية السعودية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الاكتفاء الذاتي للطاقة، مع الحفاظ على البيئة وتحسين جودة الحياة للأجيال القادمة.
وربما تواجه عملية إنتاج الطاقة بالهيدروجين واستغلاله عوائق عدة، أبرزها ارتفاع تكلفة إنتاجه، حيث تصل في بعض مناطق العالم إلى خمسة أضعاف تكلفة الغاز الطبيعي، وكذلك عدم توفر بنية تحتية تسهل عملية نقله كما هو الحال في الغاز الطبيعي، وعدم وجود سياسات داعمة أو تنظيمية ملزمة لاستخدامه وإدخاله إلى القطاعات الصناعية أو التجارية.
مشروع الهيدروجين الأخضر في نيوم وحدها يمكن أن يحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدّل ثلاثة ملايين طن سنوياً، أو ما يقارب ما تنتجه 700 ألف سيارة من الملوثات، إذ أعلنت نيوم بناء 3 محطات داخل أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم، وهو ما يُظهر الوتيرة التي تعمل بها المملكة في قطاع الهيدروجين.
إن استخدام الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة المستدامة هو تطور مهم في مجال الطاقة، وباعتبار المملكة العربية السعودية رائدة في هذا المجال، فإنها تساهم في بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع.