د. علي بن صالح الخبتي
أولاً أؤكد أن تعليمنا بخير بدليل وجود آلاف الكوادر المتخصصة في كل المجالات وبدليل حصد طلابنا وباحثينا ومتخصصينا في المجالات جوائز عالمية وبدليل قيادة شبابنا لبرامج الرؤية بكل إقدار وبدليل المستوى الذي وصلت إليه بلادنا في جميع المجالات ومن أبرزها العضوية في G20..
في ظني أن قصة التعليم في بلادنا لم ترو بعد. عندما قابل الملك عبدالعزيز الرئيس الأمريكي روزفلت في 14فبراير من عام 1945 على متن الطراد كوينسي في البحيرة المرة الكبرى لم يطلب منه طائرات أو سيارات أو بناء قصور، بل طلب منه مكائن ضخ المياه لتحقيق هدف استراتيجي هو توطين البادية من الشتات بهدف تعليمهم. فتحقق التوطين وتم بناء المدارس وجلب المعلمين وإرسال البعثات وتحولت البلاد من شتات وجهل واقتتال إلى دولة حضارية. وتوالت الإنجازات التعليمية حتى وصل التعليم إلى الوهاد والأودية والجبال حتى غن الواحد يصاب بالذهول عندما يرى مدرسة حديثة البناء وسط الصحراء لا يحيط بها أي بناء وترى عجاج السيارات التي تحمل الطلاب صباح كل يوم من كل الاتجاهات وقد شهدت ذلك بنفسي عندما كنت مديراً للتعليم في إحدى مناطق المملكة قبل أن أصبح وكيلاً لوزارة التعليم. ونتج عن كل ذلك عدم بقاء أي طفل في سن الدراسة بدون تعليم.... تلك النسبة التي تفوقت بها بلادنا حتى على الدول المتقدمة.. ونتج عن ذلك وجود 70 جامعة حكومية وأهلية وكلية و30 ألف مدرسة و7 ملايين طالب وطالبة ومليون معلم ومعلمة كلهم سعوديون.. هذه باختصار شديد قبسات من تاريخ وواقع التعليم وسأتحدث في نهاية مقالي عن التحديات التي تواجه التعليم.. وعودة إلى موضوع المقال نرى أن رؤية السعودية 2030 تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية وتقليل اعتمادها على النفط من خلال تعزيز مساهمة مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم للوصول لذلك الهدف لإدراكها لأهمية التعليم. وتؤكد الرؤية على تحسين جودته وإمكانية الوصول إليه والاعتراف به كركيزة أساسية للتنمية المستقبلية في المملكة.. كما تدرك الرؤية أهمية القطاع الخاص في المساهمة في تطوير التعليم وزيادة مشاركته فيه من خلال تعزيز بيئة مواتية للاستثمار الخاص وتشجيع إنشاء مؤسسات تعليمية خاصة عالية الجودة تتمثل في الجامعات والكليات وكليات المجتمع ومعاهد التعليم والتدريب المهني.. هنا يكون التعليم الخاص رافداً للتنمية بمختلف قطاعاتها.. وتمثل هذا التعزيز بشجيع الشراكات بين الجهات العامة والخاصة، بهدف الاستفادة من خبرات وموارد القطاع الخاص لتحسين نظام التعليم. إضافة إلى ذلك، قدمت الدولة مبادرات مختلفة، مثل منح التراخيص لمؤسسات القطاع الخاص وتقديم حوافز مالية، لتعزيز هذه المشاركة. وحتى ينجح في ذلك ويحقق مستهدفات الرؤية أرى أنقوم بمواجهة التحديات الآتية:
1 - تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الرؤية.
2 - حل مشكلة تعقد المسرح المجتمعي، ذلك المسرح البسيط الذي تتناغم فيه مكونات البيت والمدرسة والشارع والمسجد، بل اختلف وتعقد وأصبح مصدر الفكر للطلاب متشعبا وغامضا بسبب العالم الرقمي الذي نعيشه بكل مكوناته.
3 - تسارع التقنية واللحاق بكل جديد فيها.
4 - مواكبة سوق العمل المتقلب وفق متطلبات العصر فيما يتعلق بتحديث البرامج والمناهج حتى لا يسهم خريجو مؤسساته التعليمية في زيادة نسبة البطالة في الوطن.
5 - التدريب المستمر للمعلمين والمعلمات على كل جديد.
6 - تبني برامج تقييم دقيقة تعطي نتائج صادقة وموثوقة للطلاب.
7 - اختيار قيادات مؤهلة وفاعلة تحقق نتائج ملموسة وفق مستهدفات الرؤية. حتى ينجح القطاع الخاص في أداء رسالته يتم الإعداد من جهات التقييم لبرامج تقييم عصرية ودقيقة لمعرفة مستوى مخرجاته والإعلان عنها. وفي ظني أن هذه الخطوة تأتي لتفادي تخريج غير مؤهلين يساهمون في رفع نسبة البطالة.
وخلاصة القول يعد التعليم رافداً اساسياً ومهماُ وركيزة اساسية للتنمية المستقبلية للمملكة وفق رؤية 2030، كما يعد القطاع الخاص شريكاً مهماً لتحقيق مستهدفات الرؤية.. ووفق رؤية 2030 تسعى الدولة لتشجيع مساهمة القطاع الخاص في مختلف قطاعات التنمية لتنويع مصادر الدخل ومن أهم تلك القطاعات التعليم.. وفي نفس الوقت تسعى الدولة للارتقاء بمخرجاته حتى يكون رافداً حقيقياً للتنمية بدلاً من أن يكون عبئاً عليها. وحتى يكون التعليم الخاص رافداً حقيقياً للتنمية وليس عبئاً عليها لا بد أن يدرك التحديات التي تواجه التعليم ويتعامل معها بكل اقتدار حتى يجتاز التقييم الدقيق الذي تساعده على أداء دوره بتحديد الإيجابيات وتعزيزها ومعرفة السلبيات وعلاجها في الوقت المناسب قبل تفاقمها وتأثيرها السلبي في برامج التنمية.